د خلف المفتاح*/
العرب جاءنا بقيم ما سمي عصر النهضة والانوار من حرية وحقوق انسان وتحرر من العبودية والتعبير وهي قيم رائعة ولا يمكن ان يقول احد انها سيئة لانها جاءت لتحرر العالم الغربي من الاقطاع ثم العبودية وتحرير الواقع السياسي الغربي من الملكيات المطلقة وهو ما تطور الى ما سمي الفكر الليبرالي والذي اصبح معيارا تتفاعل من خلاله الشعوب بعضها مع بعض ولكن ثمة مسألة يجدر الوقوف عندها وهي اعتذار الرئيس الالماني احدداهم اقطاب اوربا ومنبع التنوير والبروتستنتية المجددة للدين المسيحي قبل فترة من الشعب التنزاني ولمعرفة سبب ذلك لابد من العودة للتاريخ ففي عام 1885عقد مؤتمر برلين في المانيا وجلس الاوربيون ووضعوا امامهمً خريطة افريقيا وبدأوا بتقسيمها ببن دولهم الاستعمارية كما فعلوا في منطقتنا اثناء الحرب العالمية الاولى وقسموها الى مناطق نفوذ فكانت كل من تنزانيا وناميبيا من خصة المانيا والهدف الذي اعلن لذلك وهنا نكتشف كيف يشتغل العقل الغربي فعنون ذلكً بالقيامً بحركة انسانية نبيلة لتطوير افريقيا من خلال تأسيس منظمات علمية وخيرية وانسانية وهذا يتسجم مع قيم اوروبا الليبرالية المدعاة فذهب الالمان لتنزانيا وقرروا ان كل ما فيها من ثروات تخصهم لوحدهم وان ابناء تنزانيا وكانً اسمها تنجنيقا يعملون عند الالمان بالسخرة وكل من يختلف ذلك فهو ضد تحديث تنزانيا اضافة التفاعل مع جيش من المبشرين بالمسيحية حيث اغلب السكان منً المسلمين ومع هذه السياسة الاستعبادية شعر التنزانيون بالطلمً فقامت احدى القبائل بالثورة عليهم فقيل انه قتل في عدة ايامً اكثر من 300 الف انسان من هذه القبيلة الثائرة في وجه ظلمهم واستعبادهم وكان ذلك بقرار من الحكومةً. الالمانية آتذاك بالابادة الجماعية للقبيلة وفي ناميبيا المستعمرة الاخرى كان ثمة قبيلتين احداهما تاريرو والثانية ناما واكتشف الالمان ان ناميبيا فهو اشجار المطاط وحينها كانت الثورة الصناعية في اوربا مزدهرة ولاسيما صناعةً السيارات فقرر المستعمرون الالمان ان كل ما في ناميبيا من مطاط هو ملك لالمانيا وان على سكان ناميبيا العمل بجمع المطاط وتقديمه للشركات الالمانيةً مقابل اجور بخسة ونتيجة لشعور ابناء القبائل انذاك بالظلم ثاروا على المستعمرين فتقرر ايضا ومن الحكومةً الالمانية ابادة القبيلتين الثائرتين وبدأت عملية الابادة عام 1904 حتى عامً1908 قتل خلالها من القبائل الثائرة 50 بالمائة من افرادها ناهيك عن معاقبة ما تبقى بالتهجير والتعذيب ولعل هذه الجرائم هي ما دعت الرئيس الالماني الحالي يعتذر عن تلك الجرائم التب ارتكبت بعد مائة وستتة عشر عاما على ارتكابها وتغوض المانيا الشعوب المنكوبة بعدة مليارات من الدولارات .
والسؤال هل هذا فقط ما ارتكبه الغرب الاستعماري في افزيقيا ام ان الكونغو لقيت نفس المصير والحقيقة انها وضعت تحت وصاية بلجيكا علما انها تزيدها مساحة بعشر مرات وسميت دولة الكوتغو الحرة واوكل الى بلحيكا ادارتها ولارتقاء بوضع سكانها وتحضيرهم واصدر ملك بلحيكا ليوبولدو الثاني قرارا باعتبار الكونغو ملكا شخصيا له وان كل من هو غير بلجيكي في الكونغو يكون عبدا له وطلب من كل شخص قادر على العمل ان يجمع اسبوعيا كمية من المطاط ويقوم البوليس بمتابعة ذلك ومعاقبة كل من لا يقوم بذلك وبعد ثلاث وعشرون عاما من الاستعمار البلجيكي قتل اكثر من خمسة ملايين كونغولي وحيب وثائق بلجيكية وبقيت المونغو مستعمرة بلجيكية حتى عام 1960 وبلجيكا الى اليوم ترفض الاعتذار للشعب الكونغولي واكتفى ملكها الحالي في زيارة له للكونغو للأسف عما حصل ولم يقبل الاعتذار ؟ ونتذكر هنا ما فعلته فرنسا في الجزائر من جرائم ورفض رئيسها ماكرون الاعتذار ؟
ومثال آخر من الهند التي استعمرتها بريطانيا عام 1700وحينها كانت الهند اغنى دولة في العالم وكان دخلها السنوي ربع الدخل العالمي وعندما رحلت عنها منتصف الفرن الماضي كانت الهند من افقر دول العالم ونحن نأتي بتلك الامثلة لجهة الاشارة لمسألتين اولهما كيف توفق بين اوروبا التي تدعو الى التحرر والليبرالية وحقوق الانسان والحيوان كيف يجتمع عقل واحد في محتمع يدعو الى كل تلك الحقوق وبنفس الوقت يمكن لمذبحة ان تطيح بملايين البشر دون ان يشعر اولئك التاس هناك ان ثمة تناقض حقيقي فالنتيجة التي يجب ان نستخلصها هي أن العقل الغربي لا ينظر الى الناس والشعوب على انهم سواسية فالانسان الابيض او الغربي انسان جدير ان تكون له كل القيم الجميلة والليبرالية من عدالة ومساواة وحرية وكرامة وحق تعبير وكل ما دعا اليه فلاسفة التنوير اما غير الابيض من ابناء الشعوب الاخرى فهم كائنات ( اخرى ) فلو وقع عليهم من مدابح او طلم فلا مشكلة فكل الثراء الغربي من غنى فاحش ومركزية غزبية جيوسياسية سببها امتصاص ثروات الشعوب والمذابح التي شهدتها اكثر شعوب العالمً فالولايات المتحدة الاميركيةً قامت بعد ان ابيد السكان الاصليون وكذلك كندا واستراليا فأوربا التي نراها اليوم ( الفاضلة ) قامت على دماء واشلاء ومآسي باقي الشعوب وبالمناسبة الفرنسيون حتى يتصالحوا مع الجزائريين اعادوا اليهم بعض جماجم ابطال ثوراتهم وبالبحث عن قصة الجماجم نكتشف ان كل عمليات الابادة التي جرت في افريقيا كانت الجماجم تهدى بين المستعمرين كهدايا تذكاريةً فيعض الجنود عندما يقوم بقتل مقاوم يقوم بقطع رأسه ويرسلها لاهله ليثبت بطولته وشجاعته تماما كمن يصيد حيوانا ويقوم بتحنيطه بالضبط هذا الذي كان يقع ؟ وهناكً الاف الجماجم لافارقة تعج بها اوروبا ؟
لذلك هذا السلوك الاجرامي والوحشي يفسر شيئ مهم وهو ما حدث في منطقتنا من قتل للفلسطينيين من قتل وابادة وسفك دم من قبل الصهاينة وامام مرأي ومسمع العالمً فهل يعقل انهم اي الاوربيون لا يرون ذلك ويتأثرون به ولكن الحقيقة ان هذا الارث والتراث الاستعماري المتشكل في عقلهم الجمعي وهذا التصنيف الذي دخل في صميم الثقافة الغربية الاحتماعية والفكرية وخطاب الاستشراق يمنعه من ان ير ى مساواة بين الضخية الفلسطيني والاسرائيلي لانه يرى الضحيةً الاسرائيلي ابيضا يشبهه كان يجب ان لا يقتل والضخية الفلسطيني ضحية اقل منه مستوى فلا مشكلة ان قتل الا ما ندر من قوى اوربية تحررت من تلك الاقتومية ونراها اليوم تتظاهر وتندد بحرائم الصهاينة وتدين مواقف الحكومات للغربية المتواطئة مع ذلك الاجرام وهذه ظاهرة وعي جديد بدأ يتخلص من مؤثرات الفكر الاستشراقي والصورة النمطية التي شكلتها بعض وسائل الاعلام المسيطر عليها والمتبنية للرواية السياسية الغربية وليس للحقيقة .
فالمشكلة الاساسية في العقل الاوربي ان ما وقع علينا نحن ابناء الجنوب من قبل المركزية الغربية لا يمكن بسهولة تجاوزه او نسيانه لو دفعت كل التعويضات لابناء المنطقة ولاسيما الشعب الفلسطيني فالذاكرة الجمعية لابناء الجنوب والشرق لا يمكن ان تنسى ما وقع من جرائم بحق ابنائها وشعوبهم فالمركزية الاوربية التي نراها اليوم شبه تنتحر ليس بسبب ما يحري في غزة وانما لانها وصلت الى سلسلة طويلة من الجرائم بحق الانساتية ما يجعل العالم اليوم يمر بحالة انتقال لأن موازين القوى بدأت تنتقل من الغرب الى الشرق وهو انتقال تهائي وقطعي لأن المركزية الغربية كانت استثناء وليست سياقاً تاريخيا ًطبيعياً حبث استخدم فيها العنف والقوة والسلاح والمال وفاىض القوة العلمية فكانت خارج التطور الانساني الطبيعي ما اوجب ان يكون محدوداًفارهقته تجارب السنين والمآسي التي تسبب بها للبشرية فلن يعد يستطيع مواصلة تلك المسيرة الشاذة ولعل المفارقة التي كشفت زيف خطاباتهم في احترام الفوانين والمواثيق الدولية وشرعة الامم المتحدة هو ما جرى في كل من اوكرانيا وغزة حيث اتخذت الدول الاوربية معايير مزدوجة في كل من الحالتين ما يعني كذب ونفاق وزيف الخطاب الغربي فتبين أن الغرب مصطف لوحده في مقابل دول وشعوب العالم .
- كاتب من سوريا