الرئيسية / أخر المستجدات / الانتقائية في الاحتجاج ضد الميز العنصري!

الانتقائية في الاحتجاج ضد الميز العنصري!

منذ القتل المهين للمواطن الأمريكي من أصل إفريقي (جورج فلويد) من طرف شرطي اندلعت المظاهرات الصاخبة في مختلف مناطق الولايات المتحدة احتجاجا على التمييز العنصري الذي يعاني منه المواطنون الأمريكيون من أصول إفريقية، وبسبب الواقعة الأمريكية انتشرت الاحتجاجات ضد العنصرية في شتى البلدان وخاصة في العواصم الأوربية، وهذا أمر طبيعي لأن حقوق الإنسان تهم الكائن البشري أينما وجد “دونما تمييز من أي نوع ولا سيما التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي….” كما هو وارد في المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 دجنبر 1948، وكما هو مفصل في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المعتمدة  في 21 دجنبر 1965.

وإذا كان الميز العنصري يتنافى مع القيم الإنسانية و يتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ويحق لكل إنسان أن يحتج ويناضل ضد كل أشكال التمييز، فإن الأمر لا يعني منطقة دون أخرى من العالم ولا يهم شعبا أو شعوب معينة دون غيرها وإنما يعني الإنسان أينما وجد ولا مجال للتعامل بانتقائية في هذا المضمار.

غير أنه يلاحظ أن أخطر حالات الميز العنصري في عالمنا المعاصر والتي تحدث كل يوم على أرض فلسطين المحتلة من طرف سلطات وقوات الكيان الصهيوني الغاصب حيث ترتكب مجازر التقتيل والإبادة والقمع والاعتقال والتنكيل فقط لأنهم فلسطينيون متمسكون بانتمائهم الوطني ومتشبثون بأرضهم وأرض أجدادهم ومناضلون من أجل حقهم في العيش داخل وطنهم، وتكريسا للميز العنصري في الأراضي المحتلة بنت إدارة الاحتلال جدارا للفصل بين أصحاب الأرض الشرعيين والمستعمرين الغاصبين مما يجعل الكيان الصهيوني لنظام الأبارتهايد في العالم بعد اندحار نظيره في جنوب إفريقيا.

وإذا كانت الاحتجاجات على حدث  عنصري في الولايات المتحدة الأمريكية طبيعية فإن الصمت وعدم التعامل بالمثل مع أحداث عنصرية أكثر خطورة في فلسطين المحتلة ليس طبيعيا لأن التمييز العنصري وانتهكات حقوق الإنسان لا تقبل الانتقائية، وبالتالي فإنه من المفروض أن تعم مختلف مناطق العالم الاحتجاجات القوية على الممارسات العنصرية المقيتة التي يتعرض لها كل يوم الشعب الفلسطيني وعلى نظام الفصل العنصري في الكيان الصهيوني لأن مصداقية النضال ضد كل أشكال التمييز العنصري تكمن اعتبار الكائن البشري بصفته كإنسان أينما وجد ودون أي ميز أو انتقاء أو إقصاء، كما تنص على ذلك المواثيق الدولية ذات الصلة.