الرئيسية / أخبار متنوعة / مسؤولية الجزائر على جرائم “البوليزاريو” في تندوف

مسؤولية الجزائر على جرائم “البوليزاريو” في تندوف

القرار الأممي لفريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة بخصوص قضية اختطاف والاعتقال التعسفي الذي تعرض له الناشط الصحراوي الفاضل ابريكة، الذي يحمل الجنسية الإسبانية، من طرف قيادة البوليساريو بمخيمات تندوف، يرفع اللبس الذي دأبت السلطات الجزائرية على ترسيخه منذ ما يناهز 50 سنة حول مدى مسؤوليتها القانونية والجنائية إزاء الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تقترفها ميليشيات البوليساريو في المخيمات بحماية من جنرالات الجزائر، في ظل إفلات تام من العقاب.
القرار الأممي، الذي تم تبنيه خلال الدورة 87 لمجموعة العمل المعنية بمسألة الاحتجاز التعسفي في ماي 2020 (تحت رقم 7/2020) يؤكد بما لا يقبل الجدل بأن الجزائر مسؤولة عن كل ما يقع على ترابها من انتهاك لحقوق الصحراويين، كما هو الشأن مع حالة الناشط الحقوقي الصحراوي الفاضل ابريكة و ما تعرض له طيلة خمسة أشهر من اختطاف و احتجاز تعسفي وتعذيب، وانتهاك لحرية التعبير و الحق في التجمع السلمي وتضييق على نشاطه كمدافع عن حقوق الإنسان، و ذلك رفقة مناضلين صحراويين آخرين قرروا كسر حاجز الخوف و تجرؤوا على الوقوف في وجه قيادة الرابوني. و هي المسؤولية التي حرص نص القرار الأممي على التنصيص عليها، و بشكل لا يقبل أي لبس أو تأويل، عندما أكد بان ” الفاضل كان متواجدا أثناء تعرضه لهذه الخروقات في تندوف التي تدخل في دائرة الاختصاص الترابي للدولة الجزائرية و هو ما يثبت مسؤولية هذه الأخيرة إزاء ذلك”.
وقد خلص فريق العمل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي في دراسته لملف الفاضل ابريكة إلى حقيقة تعرض هذا الناشط الحقوقي الصحراوي إلى الاختطاف و الاحتجاز بسبب أرائه السياسية و نشاطه الحقوقي دون أدنى احترام للمساطر القانونية المتعارف عليها، كما لم يتم تمكينه من شروط المحاكمة العادلة و الضمانات الإدارية و القانونية خلال مدة اعتقاله التعسفي، فضلا عن حرمانه من الحماية القانونية و تعريض سلامته الجسدية و النفسية لتهديد شديد، و هي انتهاكات صريحة تتعارض مع التزامات الدول المصادقة على العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية ، والتي تعتبر الجزائر أحدها، باحترام و ضمان حقوق الأفراد المتواجدين فوق أراضيها.
 
فبعدما تبث لدى فريق العمل الأممي ضلوع الدولة الجزائرية و مسؤوليتها الاعتبارية عن الانتهاكات المرتكبة فوق أراضيها السيادية من طرف البوليساريو، خلصت هذه الهيأة الأممية إلى مطالبة الجزائر بجبر الضرر المادي لفائدة الفاضل ابريكة و صرف تعويض مالي له من خزينة الدولة الجزائرية نتيجة ما تعرض له ما انتهاكات على أيدي المسلحين، مدشنة بذلك صفحة جديدة في مسار العدالة و الانتصاف لفائدة باقي ضحايا البوليساريو و ذوي الحقوق، الذين سيجدون في هذا القرار الأممي سندا قانونيا و شرعيا لمطالبة الدولة الجزائرية بالتعويض المادي عن الضرر الذي لحق بهم في سجن الرشيد والذهيبية وگويرة بيلا وباقي مراكز الإحتجاز السرية بمخيمات تندوف على أيدي جلادي البوليساريو، بالتواطئ مع الاستخبارات الجزائرية.
هذه القناعة الراسخة التي تبلورت لدى هذه الهيأة الأممية بخصوص الضلوع المباشر للجزائر في الفضاعات المرتكبة فوق أراضيها من طرف ميليشيات البوليساريو، جعلت فريق العمل الأممي يجدد التأكيد على حتمية القيام بزيارة رسمية للجزائر للتواصل المباشر مع الحكومة الجزائرية حول الخروقات المسجلة في المخيمات، كما حث الفريق الأممي السلطات الجزائرية على اتخاذ التدابير اللازمة من أجل فتح تحقيق مستقل ونزيه لمتابعة الأشخاص المتورطين في تعذيب الفاضل ابريكة، مع التأكيد على ضرورة إطلاع أعضاء الفريق الأممي على مدى تجاوب الحكومة الجزائرية لتطبيق التوصيات الموجهة لها، حرصا من هذه الهيئة الأممية على تتبع تنزيل مقرراتها من طرف السلطات الجزائرية، في إطار مقاربة جديدة ترمي إلى وضع حد للإفلات من العقاب و حماية ساكنة المخيمات من استفراد المسلحين بهم دون حسيب أو رقيب .
 
الموقف الأممي الحازم يقطع مع المحاولات المستميتة للنظام العسكري الجزائري للاستمرار في سياسة الهروب إلى الأمام والتنصل من مسؤولياته القانونية اتجاه ساكنة المخيمات، بعد إعلانه التنازل عن اختصاصاته السيادية في تندوف لفائدة ميلشيات مسلحة كذريعة للتملص من أية مساءلة حول ما يقع على ترابه من انتهاكات. في تفويض غير قانوني يغتصب حرمة السيادة التي تعود في الأول و الأخير للشعب الجزائري الذي لم تتم استشارته بخصوص هذا التنازل غير الشرعي، كيف وهو الذي دفع غاليا فاتورة استرجاع سيادته على كل أراضيه من الاستعمار الفرنسي. بل انه لمن المستطرف الغريب أن تتدخل هيئة أممية لتلزم دولة ذات سيادة كاملة على تحمل مسؤولياتها السيادية-التي تبرر وجودها في الأصل- على كافة ترابها، فمن الأمور التي لا يختلف عنها اثنان في القانون الدولي أن مبدأي السيادة و الأرض يشكلان جوهر وجود الدولة و كينونتها. فكيف يتجرأ النظام الجزائري على التخلي على سيادة الشعب و جزء من ترابه لجماعة مسلحة متمردة !!!؟
 
إن هذا القرار الأممي الاستثنائي يعتبر مرجعا أساسيا في مسار جديد قوامه المحاسبة وكشف الحقيقة وإنهاء وضعية اللاقانون السائدة في مخيمات تندوف، وهو في نفس الوقت انتصار لنضالات الصحراويين في المخيمات، ضد الآلة الإستخباراتية الجزائرية التي سعت دائما إلى إسكات صوتهم وفرض التعتيم على كل ما يقع داخل هذه المخيمات. فالنظام الجزائري قد بات اليوم في مواجهة مباشرة مع المنظومة الأممية التي تحمله المسؤولية كاملة عما وقع ولا يزال من انتهاكات جسيمة لحقوق الصحراويين العزل على أرضه في تندوف.