الرئيسية / أخر المستجدات / الحملة الانتخابية والتغيير المنشود

الحملة الانتخابية والتغيير المنشود

في الحملة الانتخابية برسم انتخابات 2021 التي ستنبثق عنها مؤسسات محلية وجهوية ووطنية، تتعدد الشعارات المرفوعة والبرامج المعلن عنها والتي تتحدث جلها عن التغيير، والغريب أن هناك من قضى ثلاث ولايات متتابعة في الحكومة ويدعو مع الداعين إلى التغيير! وهذا ليس سوى اعتراف بالفشل في تجربته.

والدعوة إلى التغيير، سواء كانت صادقة أو مجرد كلام، يفرضها واقع حال الفئات العريضة من الشعب المغربي التي تعاني من التدهور المتزايد لمستوى عيشها بسبب المنحى الليبرالي المتوحش الذي طبع السياسات العمومية المتبعة منذ سنوات.

وأظن أنه لو كان تغيير  الوضع الاجتماعي المتردي والوضع الاقتصادي  المتأزم يتوقف فقط على اختيار شعارات أو برنامج هذا الحزب أو ذاك لكان الأمر هينا وبسيطا، غير أن الإشكال الذي يعرفه ويتجاهله البعض، وربما لا يدركه ولا يعرف كُنهه البعض الآخر، هو أبعد وأعقد من مجرد التمييز بين من هو أصلح لولوج المؤسسات المعنية بالانتخابات؛ لأن الأمر يتعلق أساسا بالديمقراطية في جوهرها؛ فالدستور الذي رغم التعديلات الهامة التي أدخلت عليه سنة 2011 ظل محافظا على طبيعة العلاقة التقليدية بين السلطات ومحدودية الصلاحيات المخولة للمؤسسات المنبثقة عن العمليات الانتخابية مما يحد من دورها في تغيير بعض الاختيارات والتوجهات المعتمدة والتي تؤثر سلبا على مستوى العيش بالنسبة للطبقات الشعبية الضعيفة والمتوسطة، كما أن تعديل الدستور مرت عليه عشرون سنة وهي مرحلة ليست قصيرة بالنسبة لبلد يطمح للتطور والاتقاء إلى جانب الدول الصاعدة. ويتعلق الأمر أيضا بالإرادة السياسية للقيام بالإصلاحات العميقة التي تتطلبها المرحلة، كما أن التغيير المنشود يتوقف كذلك على الارتقاء بالممارسة والسلوك السياسيين، بالإضافة إلى عوامل أخرى  قد تكون ثانوية.

ولهذا فإنه مهما كنا متفائلين لا يمكن انتظار تغيير بحجم شعارات ووعود الحملة الانتخابية وفي مستوي طموحات وتطلعات وحاجات الفئات العريضة من الشعب. غير أن هذا لا يعني الركون للعدمية ولا يبرر الانسحاب من ساحة الاهتمام بالشأن العام بالإحجام عن المشاركة والتخلي عن الحق في التصويت، بل على العكس من ذلك لابد من الإدلاء بالرأي، والمساهمة في التنوير بالنسبة لكل من استطاع إلى ذلك سبيلا، والحرص على حسن الاختيار كمرحلة يمكن أن تمهد لإصلاحات سياسية ودستورية وتغييرات عميقة للاختيارات والتوجهات التي أدت لوضع لم يعد يرضي أحدا وأصبح تغييره ضروريا لإنصاف كل الفئات وتحقيق تنمية متوازنة اجتماعيا ومجاليا وفتح آفاق التقدم أمام البلاد وأمام الأجيال الصاعدة.

عبد القادر العلمي