التغيير

الإنسان تواق بطبيعته لتغيير أحواله ومستوى عيشه ومحيطه نحو الأفضل، وكثيرا ما يرفع السياسيون، بقطع النظر عن حجمهم ومدى تمثيليتهم، شعار التغيير في خطاباتهم وفي شعارات حملاتهم الانتخابية خاصة إذا كانوا يصطفون في المعارضة ويرغبون في الانتقال إلى موقع السلطة.

وشعار التغيير يمكن يكون رنانا وذا وقع جذاب في آذان المتلقين، ويكون ملفتا ومغريا خاصة بالنسبة للأجيال الصاعدة التي بطبيعتها لا تقبل السكون والجمود وتحلم بالجديد وتتطلع دائما نحو التطور والارتقاء وتنشد الغد الأجمل.

وبعيدا عن نوايا السياسيين ومدى مصداقية ما يرفعه بعضهم أو جلهم من شعارات فإن كلمة التغيير إذا كان المقصود منها لغويا الانتقال من وضع إلى آخر مغاير فإن هذا لا يعني بالضرورة أن الوضع الجديد المختلف عن سابقه سيكون هو الأفضل، فالتغيير يُحتمل أن يكون إيجابيا ويتجاوب مع رغبات أوسع الفئات الشعبية فيما يخص تحسين أوضاعها المادية والمعنوية، كما يمكن أن يكون سلبيا، وقد يكون نكسة بالنسبة للسواد الأعظم من الناس أو لا يحقق سوى أهداف فئة قليلة من “المحظوظين”.

ولذلك فإن التعاطي مع شعار التغيير في المجال السياسي يقتضي الكثير من الحذر وعدم النظر إلى هذا الشعار بشكل مجرد عن مصدره وطبيعة الجهة التي ترفعه ليس فقط من حيث قدراتها وإنما أيضا من حيث الخلفية التي تنطلق منها والمرامي البعيدة التي تتوخى الوصول إليها، فقد تكون الجهة التي ترفع شعار التغيير صادقة في ذلك ولا تذخر أي جهد في سبيل تحقيقه، غير أنه ليس هذا ما يهم المتلقين بل يهمهم في أي اتجاه وأي منحى سيكون التغيير.

وفي جميع الأحوال فإنه مع تنامي مستوى الوعي الجماعي ومع التراكمات التي تخلفها التجارب المتوالية والمختلفة، لم يعد للشعارات السياسية بوجه عام، وشعار التغيير بشكل خاص، وقع رنان أو أثر ملفت، وأصبح الرأي العام لا يهتم كثيرا بالأقوال والمزاعم التي تصدر عن هذه القيادة الحزبية أو تلك، ولا يحكم المتتبعون وعموم الناس سوى على ما يجري على أرض الواقع من إنجازات ملموسة أو فراغ تتبخر فيه كل الشعارات والخطابات، وبالتالي فإن مصداقية أي شعار أو خطاب أو برنامج سياسي مرتبطة أساسا بما يطبع الممارسة وما يتحقق من إنجازات.

عبد القادر العلمي