الرئيسية / أخر المستجدات / تطور حقوق الإنسان وفق تطور حاجات الكائن البشري
صورة ترمز لحقوق الإنسان

تطور حقوق الإنسان وفق تطور حاجات الكائن البشري

إذا كانت الحقوق لصيقة بطبيعة الإنسان، وتتجاوب مع حاجاته ومتطلبات حياته، فإنها لابد أن تتطور في جزئياتها بحسب تطور هذه الحاجات والمتطلبات، وبالتالي لا مناص من إغناء مفاهيمها، وتطوير آليات حمايتها، كلما ظهرت تحديات جديدة تهدد الإنسان في كينونته ووجوده، أو في سلامته الشخصية، أو تعوق تطوره ونموه الإنساني والاجتماعي، أو تحول دون تمكنه من المعرفة وتلقي المعلومات، أو تمس كرامته، أو تحد من حرياته، أو تقيد قدرته على الإبداع..

وقد بدأ الاهتمام بحقوق قد يبدو أنها جديدة كالحق في السلم، والحق في البيئة السليمة، والحق في التنمية، وتندرج هذه الحقوق ضمن ما يعرف بالجيل الثالث لحقوق الإنسان، وإذا كان اعتماد المواثيق المتعلقة بهذه الحقوق جاء متأخرا بالنسبة للجيل الأول، حيث أن إعلان الحق في التنمية مثلا لم يعتمد إلا سنة 1986، فإن هذا الحق لا تخلو الإشارة إليه في مواثيق دولية سابقة بكيفية ضمنية، كميثاق الأمم للمتحدة الذي يرجع إلى سنة 1945، وهناك أيضا الإعلان العالمي حول التقدم والتنمية في المجال الاجتماعي الصادر سنة 1969.

وبصفة عامة يمكن القول بأن التطورات التي عرفتها البشرية تطلبت إبراز بعض الجوانب التي كانت مجرد جزئيات عند صدور الجيل الأول والثاني لحقوق الإنسان، والمواثيق التي شملت ما عرف بالجيل الثالث، ليست في الواقع سوى رد فعل على الظروف والمعطيات الجديدة، التي أصبحت تزخر بها الحياة المعاصرة، والتي تهدد حقوق الإنسان المعترف بها ضمن إعلان 10 دجنبر1948، وفي العهدين المتعلقين بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فالحق في السلم هو تعبير عن رفض الحروب، وما تخلفه من ضحايا وآلام وخراب، وتمسك بالحق في الحياة، كما أن الحق في البيئة السليمة، يتجاوب مع طبيعة الكائن البشري، الذي يتضرر من التلوث، وتقتضي وقاية صحته البدنية والنفسية العيش في بيئة سليمة، والحق في التنمية يجسد الرغبة في التغلب على مشاكل التخلف، التي تمس كرامة الإنسان، تعوق حقه في التحسين المتواصل لمستوى عيشه، كما تعوق النهوض بحقوق الإنسان بوجه عام.

ومهما تعددت المواثيق الدولية التي تتناول مواضيع حقوق الإنسان في جزئياتها، ومهما تطورت آليات ووسائل الحماية الدولية منها والإقليمية والوطنية، فإن ذلك لا يمس بمبدأ الكلية وعدم قابلية حقوق الإنسان للتجزئة، لأن دراسة التفاصيل، والتعمق في الجزئيات لمواكبة الحاجات الجديدة، لا يمكن أن يؤدي لنفي الارتباط التكاملي بين كل الفروع والأجزاء التي تشكل في مجموعها جوهر حقوق الإنسان.

عبد القادر العلمي