الرئيسية / أخر المستجدات / العالم على حافة الجوع
المجاعة

العالم على حافة الجوع

د فايز رشيد/

مؤخراً، أصدر برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، تقريراً مشتركاً عن الأمم المتحدة، دعا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات إنسانية عاجلة في 20 دولة، اعتبرها التقرير بؤراً ساخنة للجوع في العالم، بينها للأسف خمس دول عربية هي: سوريا، السودان، اليمن، الصومال، ولبنان، وبخاصة خلال الشهور الثلاثة المقبلة، أي في الفترة ما بين الشهرالحالي حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر المقبل.

وكشف التقرير المؤلم أن 750 ألف إنسان يواجهون حالياً المجاعة والموت في بعض هذه الدول. لذا يتوجب اعتبارها في «حالة تأهب قصوى»، بما يشير إلى أنها تمرّ في ظروف كارثية، وأن هناك شرائح من السكان لا تجد ما تقتات به، وبالتالي، فهي معرضة لخطر التدهور نحو ظروف كارثية.

وقد حذّر التقرير من مزيدٍ من تفاقم الجوع في العالم، ومن الممكن أن تتحوّل أزمات الجوع في هذه الدول إلى أزمة غذاء عالمية لا يستطيع العالم تحمّلها.

 وخلص التقرير، إلى أنه إلى جانب الصراعات القائمة في مناطق عديدة، ستستمر جائحة «كورونا»، كما الصدمات المناخية، في التسبب بالجوع الحاد في فترة التوقعات المعنية، أي إلى أيلول/سبتمبر المقبل، مع دخول العالم الوضع الطبيعي الجديد، حيث تقضي فترات الجفاف المتكررة والفيضانات والأعاصير على الزراعة، ما يزيد النزوح ويدفع بالملايين إلى حافة الهاوية في هذه البلدان.

 بدوره، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الحرب في أوكرانيا تهدد بإطلاق موجة غير مسبوقة من الجوع، تاركة فوضى اجتماعية واقتصادية، قد تستمر لسنوات. في نفس السياق تحدّث رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، وأشار إلى أن انتشار الجوع في الدول المعنية يهدد بدفع عشرات الملايين من الناس إلى حافة انعدام الأمن الغذائي، وما يترتب على ذلك من سوء التغذية والجوع الجماعي وصولاً إلى المجاعة.

 فخلال عامين فقط، تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي الحادّ من 135 مليوناً قبل بدء جائحة «كورونا» إلى 276 مليوناً خلال الفترة الحالية.

 من أسباب الجوع، إضافة إلى الحروب والصراعات المسلّحة تأتي الكوارث الطبيعية، كالجفاف والأعاصير والفيضانات وغيرها، كما يسهم الفقر وضعف البنية التحتية الزراعية والاستغلال المفرط لها، بانتشار المجاعة في بلدان عديدة. كما تدفع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تضرب أجزاء من العالم في فترات مختلفة إلى انتشار مناطق الجوع في مناطق عديدة من العالم، وتُسهم في إيقاع الكثيرين في المجاعة.

 للجوع مخاطر وتداعيات كثيرة، اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية على الأفراد والمجتمعات والدول. فالجوع هو الخطر الأول الذي يهدد صحة الإنسان في العالم، ويتجاوزعدد ضحاياه كل عام، عدد ضحايا أمراض كثيرة كالسل، ومرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز)، والملاريا، مجتمعةً. لا يؤثر الجوع فقط في الأفراد، بل يفرض أيضاً عبئاً أخلاقياً وإنسانياً واقتصادياً هائلاً على العالم. إذ يقدر الاقتصاديون أن الأطفال الذين يعانون ضعف النمو الجسدي والعقلي بسبب الجوع وسوء التغذية يعرّضون بلدانهم إلى خسائر كبيرة. من زاوية أخرى، تهدد التوترات والمشاكل الناجمة عن الجوع الاستقرار الأمني والسياسي في بلدان عديدة، رغم أن الجوع يمثل – في حد ذاته – نتيجة من نتائج عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي يضرب مناطق كثيرة في العالم. كذلك، يتسبب الجوع في تراجع النمو ويعيق التطور المعرفي، ويؤدي إلى هجرات جماعية، وإلى خلل كبير في البنى الاجتماعية والتوازنات الديموغرافية والسكانية في بلدان كثيرة.

 ويؤدي الجوع إلى العديد من الأمراض، من بينها قلة النوم ومشاكل في الغدة الدرقية والإصابة بمرض السكري والجفاف والتوتر وغيرها. للأسف نحن في القرن الواحد والعشرين والكثير من بلدان العالم النامي تعاني الجوع. هذا في الوقت الذي تذهب فيه ميزانيات دول عديدة إلى التسلح.

 وفي إحصائية نشرها مؤخّراً معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام «سيبري» أشار إلى أنه لأول مرة يتجاوز حجم الإنفاق العسكري عالمياً تريليوني دولار في عام 2021.

 تجدر الإشارة إلى أن نسبة الجوع تزداد للأسف عاماً بعد عام. لذا فإن نسبتها عالمياً تتغير باستمرار.

 خلاصة القول، يتوجب على العالم حلّ أزمة مستعصية اسمها الجوع، ولتتضافر كافة الجهود الدولية لحلّ هذه الأزمة الإنسانية الجوهر والمحتوى.

[email protected]