الرئيسية / أخر المستجدات / أي مستقبل للكتاب؟
مكتبة

أي مستقبل للكتاب؟

في زحمة تطور وسائل التواصل والقراءة عبر الوسائط الرقمية يطرح السؤال حول حضور الكتاب وهل يصمد أما التطورات التقنية الحديثة والمستقبلية؟ وفيما يلي نقدم مقاربة للموضوع للدكنور حسن مدن من البحرين:

لم يصمد، ولن يصمد في المستقبل، السجال الذي أثير حول أنه لن يكون للكتاب مستقبل في العالم الذي نعيشه ونتوجه إليه، والمزاعم التي جرت إشاعتها حول أن على الكتاب أن يخلي مكانه لبدائل أخرى للمعرفة غيره، فالذي حدث ويحدث أن الكتاب يعزز مكانته في دنيا الثقافة، سواء كان كتاباً ورقياً أو رقمياً، وحول هذه الثنائية، ثنائية الورقي والرقمي، يتعين الوقوف قليلاً.

طبيعي أن تنشأ ظاهرة الكتاب الرقمي، كشأن أشياء أخرى كثيرة، بينها الصحف، التي جمعت بين الورقي والرقمي، وتحوّل بعضها نحو الرقمي كلياً، لكن تحوّل الكتاب إلى الصيغة الرقمية أكد حقيقة أن الكتاب باق، وأن مكانته تتعزز في الحاضر وستتعزز في المستقبل، وكل الذي حدث ويحدث، هو أن الكتاب يواكب الجديد في التقنية وصور التواصل، ما يجعل الحديث عن اختفاء هذا الكتاب لا معنى له.

اللافت في ثنائية الورقي والرقمي في الكتاب، هو أنه رغم انتشار ظاهرة الصيغ الرقمية من الكتاب على مستوى العالم، تمشياً وتكيّفاً مع المستجدات، فإن الكتاب الورقي لا يتراجع، وإنما يزداد انتشاراً، حكماً مما نعيشه من معطيات، وبينها ازدهار حركة النشر واتساعها، وما تضخه المطابع ودور النشر من عناوين بأعداد هائلة على مستوى العالم، من كتب، وبينها الإقبال الواسع على معارض الكتب التي تقام في مختلف البلدان، وخير مثال، ما نراه من هذا الإقبال على معارض الكتب في بلداننا العربية، والخليجية بينها، ولو أخذنا الإمارات مثالاً، فسنرى ذلك جلياً في معرضي الشارقة وأبوظبي الدوليين للكتاب.

الكتاب هو حجر الزاوية في أية تنمية ثقافية جادة، فلا يمكن الحديث عن هذه التنمية دون أن نخصّ الكتاب بموقع رئيسي فيها، بل نجعل منه أحد منطلقاتها، فالمعرفة تبدأ به وتنطلق منه، فهو خزّان المعرفة الإنسانية المتراكمة عبر قرون، وعبره حفظت الذاكرة البشرية من الضياع والاندثار، ولأجل تحقيق ذلك يتعين العمل على تشجيع القراءة، وما يترتب عليها من توفير للمكتبات ونشر واسع النطاق للكتاب، وهذا ما تجلى مؤخراً في افتتاح مكتبة محمد بن راشد في دبي، المنارة الثقافية المهمة، المكوّنة من سبعة طوابق، والتي تشكّل إضافة نوعية لعالم الكتاب، فهي تضم حالياً أكثر من 1.1 مليون كتاب، ما بين ورقي ورقمي، بلغات متعددة وعلى رأسها العربية، وما يزيد على 6 ملايين رسالة علمية، ونحو 73 ألف مقطوعة موسيقية، و57 ألف فيديو، وحوالي 13 ألف مقالة، وأكثر من 5 آلاف دورية ورقية وإلكترونية تاريخية كأرشيف ل325 سنة، ونحو 35 ألف صحيفة ورقية وإلكترونية من مختلف أنحاء العالم، وما يقارب 500 من المقتنيات النادرة.