الرئيسية / Uncategorized / الصهيونية الألمانية

الصهيونية الألمانية

عمر صبري كتمتو*/

بعد خمسة وسبعين عاما من قيام المستعمرة الصهيونية على أرضنا فلسطين ، والتي كان قيامها ليس ثأرا أوروبياً من النازية ، وتخلصاً لاوروبا من الوجود اليهودي فيها، مما تمخض عنه نكبةً للشعب الفلسطيني بل واحدا من اهم اشكال الدعم والمساندة والتعويض الكَنَسي التاريخي لليهود

واضطهادهم في اوروبا، والذي انتهى بصعود النازية التي لم يكن تعاملها مع اليهودالا ابشع واقسى مما كانت عليه الكنيسة في ظل الديكتاتورية البابوية.

لم يكن الموقف المعادي لليهود ذلك الوقت موقفا عِرقياً، فالديانة اليهودية ليست عرقا وإنما ديانةً، أما السامية فهي عرقٌ يجمع العرب والأكاديين ابناء بابل القديمة والآشوريين ، والكنعانيين (بما فيهم الأموريّون والمُآبيّون والأدوميّون والعَمونيّون والفينيقيّون) ومختلف القبائل الآرامية  (بما في ذلك العبرانيون) وجزءٌ كبيرٌ من سكان إثيوبيا.

السبب الذي حرصتُ من أجله الحديثَ عن الصهيونية الألمانية هو رسالة التهنئة التي وجهتها السيدة أورسولا Ursula von der Leyen رئيسة المفوضية العامة للاتحاد الأوروبي،  ووجهتها الى رئيس المستعمرة الصهونية هيرتسوغ باسم الاتحاد الأوروبي، تتغنى فيها (بعبقرية اسرائيل وديمومة الديمقراطية للشرق الأوسط)، وكيف حولت كفاءةُ الاسرائيليين الصحراءَ الى ارضٍ مثمرة، ،وكأن ارضنا فلسطين كانت مجرد صحراءَ خاوية.

كان عمر السيدة لالمانية اوسولا فان ديرلين ثلاثة عشر عاماً عندما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، والتي عبرت عن حبٍ غيرِ متناهٍ لإسرائيل في رسالتها، وإلغاءٍ كامل للشعب الفلسطيني الذي تسببت المانيا النازية في نكبته والتي جعلت اليهود والغجر والبولنديين والتشيك والسوفييت ضحايا لها، فكانت النتيجة مكافأة الحركة الصهيونية، وتنفيذ وعد بلفور،الوزير البريطاني الذي لا يملك ارض فلسطين ليمنح أرضاً ليست له الى طرفٍ ثانٍ ليس صاحباً للارض، وتشريد الطرف الثالث صاحب الأرض الاصلي وهو الشعب الفلسطيني، الذي أصبح ضحية ضحايا النازية.

الغريب بالأمر هو الكراهية الحقودة التي يُكِنُّها بعض الساساة القياديين الألمان٫ ولربم يفعلون ذلك لتبرئة بعض أقاربهم او اجدادهم  من انهم كانوا معتنقين العقيدة النازية، فيجدون الخلاص بإعلان عشقهم لاسرائيل وكراهيتهم العنصرية للفلسطينيين، ومحاباة اليهود، علماً بأنهم لازال البعض منهم يكرهاليهود بل وينافقونهم واتهامنا بمعادات السامية، وليس غريباً ابدا انّ  وزيرةً المانيةً اعتبرت رفع العلم الفلسطيني بمونديال قطر هو عداءٌ للسامية.

عندما استمعت الى رسالة رئيسة المفوضية الأوروبية صوتاّ وصورةّ، السيدة أورسولا فان دير ليين استغربت ماورد فيها من حب اعمى لاسرائيل وحقدٍ مبطّنٍ لنا نحن الفلسطينيين، وظننت فيها الظنون، لأني لم أكن أعتقد إطلاقاً أنّ هذه السيدة التي عملت وزيرة في وزاراتٍ عديدة مع المستشارة الألمانية العظيمة قيمةً وسياسةً

المستشارة أنجيلا ميركل، يمكنُ ان تكون بهذه السذاجة لتحمل عداءً للشعب الفلسطيني، تفوح منه عنصرية الحركة الصهيونية التي تعمل منذ ان قامت المستعمرة الصهيونية على إلغاء الشعب الفلسطيني،والذي هو ضحية ضحايا اجدادها الالمان الذين قتلوا الملايين من اليهود وغير اليهود في افران الغاز وبكل ادوات القتل والدمار.

لقد خاطبت اسرائيل حرفياً قائلةً : (صديقي العزيز الرئيس هيرتسوغ، اليوم تحقق الحلم واصبحت اسرائيل دولةً مستقلةً بعد خمسٍ وسبعين عاما

فبعد، أفظع مأساة في تاريخ البشرية استطاع الشعب اليهودي بناء دولته المستقلة في الأرض الموعودة، واليوم نحيي ذكرى ديمومة الديمقراطية في الشرق الاوسط، وابتكار عظيم للارض، لقد تمكنتم بالفعل من جعل هذه الارض مثمرةً، فقد شاهدت بنفسي انكم فعلتم هذا عندما زُرتُ صحراء النجف العام الماضي، اليوم نحيي معاً ذكرى الصداقة بين اوروبا واسرائيل، فبيننا أكثر بكثير مما تعنيه الجغرافيا، وهو ثقافتنا المشتركة، وقيمنا المشتركة، ومئات الآلاف من المواطنين الاوروبيين اليهود الذين عمّقوا العلاقات بيننا، اوروبا واسرائيل تربطهم علاقة الصداقة والتحالف، فحريتكم حريتنا. عام ميلاد سعيد لكل الشعب في إسرائيل. ثم كررت نفس الكلمات الخيرة باللغة العبرية.

ليس غريبا ان تكون الصهيونية الألمانية هي الأكثر عداءً للفلسطينيين، لأن اكثر النفاق وضوحاً هو المبالغة في إظهار الحب الشديد لانسانٍ كان سببا في هزيمتك وأصبح غصباً عنك حليفاً لك، وكتبتُ سابقاً في هذاالأمر وعن جُبنِ القادة السياسيين الأوروبيين الذين يخشَوْن ان يوصفوا بمعاداة السامية،  لو انتقدوا اسرائيل بل ويتهمون كل من ينتقد النظام العنصري الإسرائيلي الدموي بمعاداة السامية، وأخصُ بالذكر معظم الساسة الالمان، او اولئك الالمان الذين اعتنق اجدادهم او آباءهم الفكر النازي لكننا لانعمم ذلك على كل مواطن الماني، ومن المعروف كم كانت المستشارة انجيلا ميركل تبغض الارهابي الكذوب والسياسي الفاسد بنيامين نيتنياهو.

متى يلتزم القادة الاوربيون بقيمهم الدستورية ويصرحون بشجاعة بآ رائهم التي تنصُّ عليها دساتيرهم دو تحيُّزٍ وجُبنٍ لم يعُدْ خافياً على احد.

*سفير فلسطيني سابق