الرئيسية / أخر المستجدات / من يتحمل أو يتحملون مسؤولية أحداث الريف لسنة 1958؟

من يتحمل أو يتحملون مسؤولية أحداث الريف لسنة 1958؟

نظم حزب الاستقلال ندوة حول أحداث الريف لسنة 1958 شارك فيها عدد من الأساتذة الجامعيين والباحثين في التاريخ وبعض المجالات المرتبطة به، والسؤال المحوري للندوة، هل هناك مسؤولية لحزب الاستقلال في تلك الأحداث، ولا شك أن تنظيم الحزب  للندوة هو مبادرة شجاعة كما وصفها جل المتدخلين لأن اقتحام البحث الأكاديمي حول أحداث دامية اتهم فيها الحزب من طرف جهات من داخل المغرب وخارجه وترسخ الاتهام مع مرور الزمن واستعمل بصفة خاصة من لدن الأطراف التي لم تكن مرتاحة للامتدادات الشعبية الواسعة للحزب في تلك المرحلة وظلت مثل اللازمة لدى خصومه على امتداد السنوات.

وقد كشفت الندوة بعض الجوانب التي كانت مشوبة بالضبابية وأشارت العروض إلى عدة عوامل وأسباب متشابكة أدت لانفجار الأحداث كما أشارت لتعدد الأطراف المتدخلة دون الوصول إلى نتائج نهائية ودون تقديم ما يمكن أن يثبت بشكل علمي وموضوعي أن حزب الاستقلال هو الطرف الوحيد الذي يمكن أن يكون مسؤولا عن الأحداث أو كان له دور مباشر أو غير مباشر فيما جرى.

وفي جميع الأحوال فإن حزب الاستقلال في سنة 1958 لم يكن يعني فقط التنظيم الحزبي الموجود حاليا بهذا الإسم حيث كان آنذاك يضم قوى سياسية وطنية أصبحت في عصرنا الحاضر تشكل أحزابا ومنظمات متعددة،بدءا بانفصال المجموعة التي أسست الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي انبثق عنه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والذي انفصلت عنه هيئات أخرى كحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، وبعض قدماء حزب الاستقلال أسسوا فيما بعد منظمة العمل الشعبي الديمقراطي، ويمكن الإشارة أيضا للاتحاد المغربي للشغل وما تفرع عنه من مركزيات نقابية متعددة والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، كل هذه الهيئات وغيرها كان يتشكل منها حزب الاستقلال سنة 1958، غير أن الاتهام ظل لأغراض سياسية موجها فقط للحزب الذي يحمل نفس الإسم اليوم.

وبالإضافة إلى أن حزب الاستقلال الحالي لا يشمل كل البنية التنظيمية التي كان عليها في بداية الاستقلال فإن بنيته البشرية أيضا مختلفة بحكم تعاقب الأجيال داخل الحزب، فالأمين العام الحالي الأستاذ نزار بركة لم يكن قد ولد بعد سنة 1958 والكثير من قياداته كان ميلادها بعد هذا التاريخ والعديد من أعضائه التحقوا به خلال السنوات الماضية، ورغم ذلك لم يجد الحزب أي حرج في فتح ملف مضى عليه أكثر من ستين سنة.

وسيكون من المفيد مواصلة البحث الموضوعي لإزالة الضبابية عن مرحلة دقيقة في التاريخ المعاصر للمغرب وإزالة الشبهات ذات الخلفيات السياسية التي ناصبت العداء للحركة الوطنية التي كان حزب الاستقلال يمثل رمزها الأساسي في المشهد السياسي المغربي، وأعتقد أنه لا فائدة يمكن أن يجنيها وطننا من استمرار بعض الأحكام الجاهزة والصور النمطية التي تستهدف لأسباب مختلفة الرموز الوطنية في بلادنا. كما أنه من المفروض إعادة الاعتبار لكل المناطق التي عرفت التهميش والإقصاء في إطار عدالة اجتماعية ومجالية وتنمية متوازنة في المناطق المخلفة، وضمان الكرامة للجميع.