الرئيسية / Uncategorized / الحراك الشعبي العربي

الحراك الشعبي العربي

شهد الحموري/

شهدت مختلف البلدان العربية، بما فيها الأردن، مصر، المغرب، العراق، اليمن، حراكاً شعبياً متضامناً مع فلسطين في الأسابيع الماضية، إذ هتف المشاركون وبعضهم يحيي بعضاً، داعين إلى توحيد موقف الشارع العربي بشأن القضية الفلسطينية. ولا شك في أن مطالب المتظاهرين تتشابه، فعلى سبيل المثال أعلن التجمّع الشبابي الأردني الداعم للمقاومة المطالب التالية: وقف تصدير الخضار وقطع الجسر البرّي إلى الصهاينة، ووقف اتفاقيات الغاز والمياه، وإسقاط اتفاقية وادي عربة، وقطع العلاقات مع العدو. في حين ركز المتظاهرون في مصر على طلب فتح معبر رفح وتسهيل عبور المساعدات الإنسانية.

وقد ردّت مختلف الحكومات على هذه التحرّكات الشعبية بالقمع، والتنكيل، والاعتقالات، وحملات التشكيك، ووجّهت الحكومات إلى النشطاء تهماً بالتحريض على الفتن ونشر المعلومات الخاطئة ودعم الإرهاب. ولتحقيق هذه الغاية، استخدمت الحكومات قوانين حديثة عن الجرائم الإلكترونية ومنع الإرهاب تخالف في قواعدها أسس المعايير الدولية لحقوق الإنسان بفرضها مفاهيم فضفاضة تسمح بتسييس تفسير القانون وتفضيل مصلحة الأنظمة الحاكمة على الحقوق الأساسية للمواطنين. وكان ضعف الموقف القانوني واضحاً في تردّد القضاة، إذ رفض بعضهم الانصياع لضغوط اختيار تفاسير غير منطقية تُجرم التضامن مع غزّة.

تتناسى الحكومات في ردودها على الغضب الشعبي مدى اتساق مطالب الشارع مع واجباتها القانونية الدولية. وغالباً ما تكون لغة القانون الدولي التي تسمو على القانون المحلي في معظم الدول قاصرة في التعامل مع الاستبداد الاستعماري. لكن الحال وصل، في بطش إسرائيل وتغير المناخ السياسي، إلى انقلاب الموازين واتساق مساعي ردع إسرائيل مع القانون الدولي.

أولاً: أصبح من الواضح أن سياسات إسرائيل في فلسطين المحتلة هي تخطّ تاريخيٍّ للخط الأحمر لميثاق الأمم المتحدة المتمثل بـ “جرائم ضد السلام والأمن العالميين”. تستفيد إسرائيل من حالة استثنائية دولية حان أوان انتهائها. فكما جادل الفريق الفلسطيني في المرافعات الشفهية والخطية أمام محكمة العدل الدولية في قضية الرأي الاستشاري بشأن الآثار القانونية لسياسات إسرائيل، والتي تقوم على أن دولة الاحتلال هذه تخرق ثلاث قواعد آمرة تشكل أعلى مراتب القواعد الدولية، وهي: حق الشعب في تقرير المصير، وتحريم أخذ الأراضي بالقوة، وتحريم أنظمة الفصل العنصرية. وكما أكّدت مقرّرة الأمم المتحدة للمناطق الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، أن سياسة إسرائيل هي سياسة استعمار استيطاني غير قانوني. وقد كان مسمّى الاستعمار الاستيطاني هو السائد في الأمم المتحدة لوصف المشروع الصهيوني في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، وكان الصهاينة يصفون أنفسهم بالمستعمرين في بداية القرن الماضي.

في مواجهة هذه الخروق الجسيمة للقانون الدولي، على الدول عدم الاعتراف بالآثار القانونية لهذه الخروق وواجب التعاون نحو إنهاء هذا الوضع غير القانوني، ومن حقّ الدول في هذه الحالة مقاطعة الدولة اقتصادياً أو قطع الصلات الدبلوماسية معها. بالإضافة إلى ذلك، على الدول واجب أخذ كل الإجراءات الممكنة لوقف الاستعمار وفقاً لسلسلة من القرارات الأممية في ستينيات القرن الماضي. علماً أن هذه الإجراءات لا تتضارب مع قواعد منظّمة التجارة العالمية التي تسمح بالاستثناءات في حالات معيّنة.

(عن العربي الجديد)