الرئيسية / أخر المستجدات / الظروف الصعبة وإعادة اللحمة العربية

الظروف الصعبة وإعادة اللحمة العربية

علّق الوزير السابق نقولا تويني على الزلزال المدمِّر الذي ضرب سورية وتركيا، في بيان استهلّه بالقول «هبّت دول أوروبا مجتمعة خلف الاندفاع الأميركي لمساعدة أوكرانيا إثر الهجوم الروسي منذ سنة تقريباً ولا يزال الدعم العسكري والاقتصادي والمالي جارياً بوتيرة متصاعدة وتُقدَّر المساعدات العينيّة والمباشرة التي قُدِّمت إلى أوكرانيا بما يقارب مائة مليار دولار، وتُبرِّر الحكومات الغربيّة الاندفاعة بأنّها دفاع عن الحريّة وعن موقع أوروبي أطلسي متقدِّم جرى اجتياز حدوده البريّة من قبل القوات الروسيّة الغازية».

أضاف «إنّ هذا الموقف الأوروبي بالذات ومن دون الدخول في صحته من عدمه، هو مُحرِج جداً للغرب أمام الأداء الخجول الغربي في إسعاف أزمة إنسانيّة حلّت بشعب تركيا وسورية من جرّاء الزلزال المدمِّر، معتبراً أنّ «الغرب اليوم مُحرَج في ضميره الجماعي في ضعف استجابته الإنسانيّة بالمقارنة مع ضخامة مساعدته لأوكرانيا».

وأشار إلى أنّ «مأساة تركيا وسورية تذكِّرنا بأنّ العالم في حالة انقسام عامودي بين الشرق والغرب مهما كانت الإتجاهات السياسية، فتركيا في الشرق وكذلك سورية بالطبع»، لافتاً إلى أنّ السفير الفرنسي ميشال ريمبو يشرح «الانقسام العالمي في ندوة نظّمتها أكاديمية باريس للجيوبوليتيك ويدعو وزير الدفاع السابق الفرنسي بيار جوكس إلى إعادة فتح العلاقات الفرنسيّة السوريّة وعدم الشروع والتوغّل في خلط الانقسام العالمي العامودي والعلاقات الفرنسيّة السوريّة. فحركة المساعدات الغربيّة خجولة جداً ولا تُقارَن بغزارة المساعدات الأوكرانيّة، علماً بأنّ تركيا عضو فاعل في الحلف الأطلسي والمأساة التركيّة من أعظم المآسي في تاريخ الزلازل في عدد الضحايا والدمار كذلك في الشمال السوري من لواء إسكندرون حتّى اللاذقية و حمص وحلب».

وتابع «وافق البنك الدولي على إعطاء تركيا البارحة تسهيلات ماليّة ووافقت الولايات المتّحدة على أن ترفع عقوبات قانون قيصر على سورية لمدة 6 شهور حيث بادرت إيطاليا بإرسال مساعدات عبر مطار بيروت وكذلك أرسلت المملكة العربيّة السعوديّة مساعدات فوريّة إلى سورية وأيضاً جمهورية مصر والإمارات وأكثريّة الدول العربيّة، علماً بأنّ سياسة الدول العربيّة الخارجيّة وعلى رأسها المملكة العربيّة السعوديّة ومصر، لم تنجرف في تيّار الانقسام العامودي بين الغرب والشرق ولم تنحز إلى الغرب في التموضع في المعسكر الغربي. وعدم التموضع هذا بالذات، شكّل مع الصين والهند وباكستان والبرازيل ودول أخرى كالأرجنتين وجميع أميركا الجنوبيّة، موقفاً مميّزاً وإمكان إرساء قواعد بناء قطب عالمي جديد محايد ذي ثقل سياسي وعسكري واقتصادي كبير بإمكانه مجاراة التغييرات العالميّة الجارفة في جدليّة عمليّات المدّ والجزر التي تُمارسها القوى الفاعلة العالميّة في السيطرة والانكفاء في النفوذ».

وأردف «أقول وبكل ثقة وبعد الترحم على جميع الضحايا في سورية الحبيبة، إنّ الظروف الصعبة الحاليّة هي مقدّمة وخير سبيل لإعادة اللُّحمة العربيّة بين جميع الأقطار العربيّة وبالطبع وسورية وإعادة النشاط الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي وكذلك إعادة سورية الى حضن الجامعة العربيّة».

وختم «لدينا فرصة حقيقيّة اليوم لإعادة تشكيل وحدة الدول العربيّة بعيداً عن الانقسامات وأن تكون هذه الكتلة العربيّة الموحَّدة ركناً أساسيّاً لكتلة عالميّة وازنة تنتهج سياسة غير منحازة بين الصراع الضاري بين الشرق والغرب وتحدّ من الارتداديّة الزلزاليّة السياسيّة والعسكريّة الجارية».