الرئيسية / أخر المستجدات / العنصرية الصهيونية وفتاوى الحاخامات- ظاهرة إرهابية متكاملة الأركان
نواف الزرو

العنصرية الصهيونية وفتاوى الحاخامات- ظاهرة إرهابية متكاملة الأركان

نواف الزرو/

لم تكن الحروب الصهيونية المصغرة على غزة التي أسفرت عن مجازر جماعية أدت لسقوط آلاف من الفلسطينيين بين شهيد وجريح، كما لم تكن عمليات الاغتيال المدبرة لعدد من القيادات الفلسطينية، إلا تتويجًا متجددًا للمذبحة المفتوحة التي تقترفها الدولة الصهيونية، ضد الشعب الفلسطيني على مدار الساعة… المذبحة الصهيونية التي تمتد عمليًا من دير ياسين وما قبلها، وصولًا إلى غزة في نسختها الأخيرة، والمؤشرات تتحدث عن نسخ مجازرية صهيونية قادمة..! ولهذه المجازر الصهيونية تراث هائل من الأدبيات والأفكار العنصرية البشعة والفتاوى الدينية التوراتية التي تترعرع وتتغذى في مستنبتات المدارس الدينية اليهودية وفي مناهج التربية والتعليم الصهيونية. 
  وعلى هذا الصعيد؛ فالقرائن والوثائق والوقائع التي تثبت ذلك لا حصر لها، ففي أحدث تقرير لها أكدت «هيومن رايتس ووتش»، إحدى منظمات حقوق الإنسان المهمة، “أن إسرائيل قد تجاوزت المنسوب: جرائم ضد الإنسانية ونظام أبرتهايد-وكالات 2021-5-1”. ويؤكد الكاتب والمحلل الإسرائيلي جدعون ليفي- «هآرتس2021-5-1″ تحت عنوان: “إسرائيل تجاوزت منسوب الأبرتهايد”؛ قائلا: “لم يعد هناك أي طريقة لمناقضة التشخيص: أبرتهايد. ولا توجد أي طريقة لإلغاء حقيقة أن المكونات الثلاثة للأبرتهايد حسب ميثاق روما والمذكورة في التقرير توجد في إسرائيل: الحفاظ على سيطرة مجموعة عرقية واحدة على مجموعة أخرى، وقمع منهجي لهذه المجموعة، وأعمال غير إنسانية. وفي هذا السياق العنصري الصهيوني أيضًا، كان المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم”، على إسرائيل وصف “دولة فصل عنصري (أبارتهايد)”، وذلك لأول مرة، رافضًا “النظرة السّائدة إلى إسرائيل كدولة ديمقراطيّة تدير في الوقت نفسه نظام احتلال مؤقت”، وذلك في “ورقة موقف”، صدرت عنه الثلاثاء- وكالات-: 12/01/2021 ، وعلّلت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية في “ورقة الموقف” قرارها (أن إسرائيل دولة فصل عنصري)، بأن: “النظام الإسرائيلي يسعى إلى تحقيق وإدامة تفوق يهودي في المساحة الممتدة من النهر (الأردن) إلى البحر (الأبيض المتوسط)”، في إشارة إلى أرض فلسطين التاريخية. وقالت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية إنه: “في كل المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل- داخل الخط الأخضر وفي الضفة الغربية وشرقي القدس وقطاع غزة – يقوم نظام واحد يعمل وفق مبدأ ناظم واحد: تحقيق وإدامة تفوق جماعة من البشر (اليهود) على جماعة أخرى (الفلسطينيين”.
          وعلقت الكاتبة إيلانا همرمان في هآرتس2021-1-15 على هذه الورقة قائلة: “إنها دولة “أبرتهايد”: يجب محاربة إسرائيل اقتصاديًا وثقافيًا”، مضيفة: “مفهوم «احتلال»، الذي يسري على الضفة الغربية، لم يعد يلائم الواقع. ما يحدث في «المناطق» لا يمكن فهمه اليوم بصورة منفصلة عما يحدث في كل المناطق التي توجد تحت سيطرة إسرائيل”، موضحة: “توثق هذه الوثيقة بالوقائع والتحليلات المجالات الأربعة التي يهندسها هذا المبدأ، جغرافيًا وسياسيًا، حياة كل الـ 14 مليون شخص الذين يعيشون على جانبي الخط الأخضر، نصفهم يهود ونصفهم فلسطينيون:
1- سيطرة على الأرض: “تهويد تدريجي للمنطقة على حساب السكان الفلسطينيين، عن طريق الطرد والاستغلال والمصادرة وهدم البيوت وتفضيل الاستيطان اليهودي استنادًا إلى سلسلة طويلة من القوانين والإجراءات”.
2- المواطنة: “كل اليهود في العالم، أحفادهم وأزواجهم، يحق لهم التجنس في إسرائيل، في حين أن الفلسطينيين لا يمكنهم الهجرة إلى الأراضي التي تقع تحت سيطرة إسرائيل، حتى لو كانوا هم وآباؤهم وأجدادهم ولدوا أو عاشوا فيها”.
 3- حرية الحركة: “المواطنون الإسرائيليون يحظون بحركة تنقل حرة في كل المنطقة التي تقع تحت سيطرة إسرائيل (باستثناء قطاع غزة) ويمكنهم الخروج من الدولة والعودة إليها كما يريدون. الرعايا الفلسطينيون في المقابل (في المناطق) يحتاجون إلى تصاريح خاصة من إسرائيل من أجل الانتقال من وحدة إلى أخرى (أحيانًا أيضًا داخل الوحدة نفسها)، وسفرهم إلى الخارج مشروط بموافقة إسرائيل”.
 4- مشاركة سياسية: “ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق التي احتلت في العام 1967 لا يستطيعون المشاركة في النظام السياسي الذي يسيطر على حياتهم والذي يحدد مستقبلهم، ليس عن طريق الانتخابات، وليس بوساطة الحق في حرية التعبير وتشكيل منظمات”.
 والأخطر من كل ذلك، هناك الفتاوى التي أطلقها الحاخام المتطرف يتسحاق شابيرا رئيس “المدرسة الدينية اليهودية”؛ “لا زال يوسف حيا”، والتي تبيح قتل العرب من خلال إصداره كتاب اسماه “توراة الملك” الذي يمثل خلاصة فكر المتطرفين اليهود وحاخاماتهم الذين يمثلون ظاهرة إرهابية متكاملة الأركان، بدءًا من ركن الفكر اليهودي العنصري المتطرف؛ الداعي إلى تشريد وقتل العرب، وصولًا إلى تنفيذ العمليات المسلحة؛ الهادفة إلى التطهير العرقي في الأرض الفلسطينية وطرد سكانها العرب المسلمين والمسيحيين، ويشار هنا إلى أن الحاخامات اليهود المتطرفين يتمتعون بنفوذ واسع داخل المؤسسة الرسمية الإسرائيلية، ويتنافس صناع القرار في حكومة الاحتلال على استرضائهم والتقرب منهم، مما يدلل على أن هذه الفتاوى تصدر بتصريحات قادة الاحتلال.
 صحيفة معاريف العبرية، كانت عنونت صفحتها الرئيسية بالكشف عن الكتاب الذي نشر في أوساط اليمين ويتناول “متى يسمح لليهودي بقتل الأغيار وقتل أبنائهم؟”، مشيرة في صفحتها الرئيسية إلى أنه بحسب الكتاب الذي كتبه “حاخام” يشغل منصب رئيس مدرسة دينية متطرفة مع “حاخام” آخر في مستوطنة “يتسهار” المقامة على أراضي الضفة الغربية، فإن الجواب هو “دائمًا في الغالب”، وأضافت الصحيفة أنه بحسب مؤلف الكتاب؛ الراب يتسحاك شابيرا؛ يسمح بقتل “كل من يشكل خطرًا على شعب إسرائيل، سواء كان ولدًا أم طفلًا”، ويتجنب الكاتب في صفحات الكتاب، -230- صفحة؛ استخدام العرب أو الفلسطينيين ويستعيض عنها بـ”الأغيار”.
وعن قتل الأطفال يقول الكتاب: “إن وجود الأطفال يسد الطريق أمام عمليات الإنقاذ، وبالتالي يسمح بقتلهم لأن وجودهم يساعد على القتل، كما يسمح بقتل الأطفال إذا كان من الواضح أنهم قد يسببون أضرار لـ”شعب إسرائيل” عندما يكبرون، ويسمح أيضًا بقتل أطفال أي قائد من أجل ممارسة الضغط عليه”.
أما بالنسبة لقتل الأبرياء فيقول: “في كل مكان يشكل فيه الأغيار خطرًا على حياة شعب إسرائيل؛ يسمح بقتلهم حتى لو كانوا غير مسؤولين عن الوضع الذين نشأ”. كما يتضمن الكتاب “ضرورة التصرف عن طريق الانتقام من أجل الانتصار على الشر، ولذلك يمكن القيام بأعمال بمنتهى القسوة بهدف خلق ميزان رعب صحيح”.
وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أن هذا الكتاب ليس الأول من نوعه، فقد سبق وأن صدر كتاب آخر في العام 1996، بعنوان “توضيح الموقف التلمودي من قتل الأغيار”، وتضمن: “في الحرب التي لم تحسم بعد، يسمح قتل الأطفال والنساء من أبناء الأغيار الذين نحاربهم، حتى لو كانوا لا يشكلون خطرًا مباشرًا، فهم قد يساعدون العدو خلال الحرب”.
النائب العربي د. جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي البرلمانية، كان بعث برسالة للمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، مناحيم مزوز؛ طالبه فيها بالتحقيق مع مؤلفي كتاب “توراة هميلخ”، الذي يدعو لقتل “الأغيار”.
وطالب النائب زحالقة بمنع نشر وتوزيع الكتاب الذي يروج هذه الأيام في المستوطنات وعلى شبكة الإنترنت، وتقديم المؤلفين للمحاكمة، وأضاف زحالقة: “ما يقوله مؤلفا الكتاب هو بالضبط ما تفعله إسرائيل بشكل رسمي، والفرق هو أن اسرائيل تحاول أن تبرر جرائمها، أما مؤلفا الكتاب فهما يقولان لا حاجة للتبريرات، وإن قتل العرب مطلوب ومرغوب به”، وأوضح زحالقة: “علينا أن نبدأ حملة على كل المستويات لفضح العنصرية الإسرائيلية الشعبية والرسمية، فهي أخطر وأسوأ من الأبرتهايد؛ أخطر بكثير”.
وبعد ذلك بأيام زاد الحاخام العسكري الرئيس؛ العميد افيحاي رونتسكي، على الكتاب الإرهابي فقال في حديث مع طلاب مدرسة دينية: “إنه ملعون من في الحرب يوفر حياة العدو”، كما كرر رونتسكي الرأي الذي أعرب عنه في مناسبات سابقة بموجبها أن المتدينين هم مقاتلون أفضل؛ ففي محاضرة ألقاها قال رونتسكي أنه: “في أثناء الحرب، من لا يقاتل بكل قلبه وبكل روحه عليه لعنة إذا ما منع حرابه عن الدم؛ فوفر حياة العدو في المكان الذي لا ينبغي له أن يوفر فيه حياة العدو”.
فالواضح تمامًا أن مستنبتات ومفرخات أيديولوجيا التمييز العنصري، وبالتالي الإرهاب الدموي والمجازر والعقوبات الجماعية بالضرورة، موجودة وحاضرة بقوة في المدارس الدينية التلمودية اليهودية، وفي المستوطنات اليهودية المنتشرة في أنحاء الأراضي المحتلة، وكلها تعمل بغطاء ودعم المؤسسة الصهيونية الرسمية.

(عن بوابة الهدف)