الرئيسية / أخر المستجدات / العنصرية الفرنسية المقيتة

العنصرية الفرنسية المقيتة

تتبعت بكامل الاستياء والامتعاض ما فاه به الفرنسي المدعو (جان بول ميرا) الذي دعا في برنامج بالقناة الفرنسية (LCI) لإجراء دراسات واختبارات للقاح ضد فيروس (كورونا) في بعض الدول الإفريقية، حيث لا توجد، على حد قوله، “أقنعة ولا علاج ولا إنعاش”

وأيده فيما ذهب إليه المدير العام للمعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية في فرنسا المدعو (كاميل لوكت) مضيفا بأن المعهد بصدد التفكير في إجراء بحث في إفريقيا لاعتماد نفس المقاربة مع لقاح “BCG” المطبق ضد السل.

ورغم أننا في عصر يتباهى فيه الغرب عموما وفرنسا على الخصوص بحقوق الإنسان فإن الحوار جرى في قناة تلفزية معروفة يشاهدها الناس في شتى أنحاء العالم في تحد وقح للمشاعر الإنسانية في البلدان الإفريقية وفي غيرها، وهذا من صميم العقلية الاستعمارية البغيضة التي تنظر إلى المستعمرات الفرنسية السابقة بنظرة دونية واستغلالية وموغلة في العنصرية المقيتة.

وما تم تداوله في الحوار المشار إليه يحتاج إلى إدانة قوية في إفريقيا بصفة خاصة ومن طرف كل المنظمات الحقوقية في العالم وكل مناهضي العنصرية واحتقار الشعوب، وفي هذا السياق أحيي بحرارة مبادرة محامين مغاربة برفع دعوى قضائية ضد الفرنسيين المعنيين وضد القناة التي أذاعت الحوار مساهمة في التحريض على العنصرية والكراهية والاتجار في البشر.

وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري المعتمدة في 21 دجنبر 1965 تنص ضمن المادة 2 على تعهد “كل دولة طرف بعدم إتيان أي عمل أو ممارسة من أعمال أو ممارسات التمييز العنصري ضد الأشخاص أو جماعات الأشخاص أو المؤسسات، وبضمان تصرف جميع السلطات العامة والمؤسسات العامة، القومية والمحلية، طبقا لهذا الالتزام”، كما تتعهد “بعدم تشجيع أو حماية أو تأييد أي تمييز عنصري يصدر عن أي شخص أو أية منظمة”.

وإذا كان موضوع الحديث المذاع عبر قناة فرنسية يكشف ويفضح عقلية نخب فرنسية ما زالت تنظر إلى المستعمرات السابقة كأنها مزرعة خلفية خاصة بها أو حقل للتجارب فإن كل الدول التي سبق أن ابتليت بالاستعمار الفرنسي أو غيره عليها أن تتحرر من كل أشكال التبعية السياسية والاقتصادية واللغوية والثقافية للمستعمر القديم، وأن تعي وتدرك جيدا بأنه لا يمكن حماية كرامة شعوبها وضمان احترامها وفتح آفاق تقدمها إلا بفرض سيادتها في المجتمع الدولي وصيانة استقلالها والتعامل بالندية والتكافؤ مع الدول دون أي امتياز لفائدة دولة كانت تستعمرها.