الرئيسية / أخر المستجدات / ثلث المغاربة أميون!!

ثلث المغاربة أميون!!

بمناسبة بداية الموسم الدراسي الجديد نستحضر ما أعلنه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في تقريره لسنة 2018 عن معطيات مثيرة تهم المدرسة المغربية، مشيرا إلى أن ثلث المغاربة أميون،  ومليون تلميذ غادروا الدراسة، و70 في المئة من خريجي الجامعات عاطلون. وأقر بأن “أزمة التربية في بلادنا هي أزمة بنيوية وأخلاقية، لأنها تهدد مستقبل الأجيال الناشئة ومصير البلاد، وهي تتجلى في ضعف مكتسبات التلاميذ وعدم ملاءمتها لحاجات المغرب الحالية والمستقبلية ولمتطلبات سوق الشغل”.
ومن خلال هذا التقرير يتبين بشكل واضح مدى خطورة الوضع في قطاع حيوي مسؤول عن مصير الأجيال ومستقبل البلاد، فإذا كان ثلث الشعب المغربي يعاني من الأمية فهذا يعني أن نسبة كبيرة جدا من الأطفال يحرمون من حق التمدرس الذي يقره الدستور وتكفله المواثيق الدولية التي صدق عليها المغرب، ومغادرة مليون تلميذ للمدرسة يعني أن حالة المؤسسة التعليمية سيئة ومنفرة تجعل التلميذ غير مرتاح وغير مقتنع بجدوى متابعة الدراسة، ووجود 70 في المائة من خريجي الجامعات في حالة عطالة في بلد ما زال يبحث عن طريق التنمية يدل على أن الاختلال الذي تعانيه منظومة التربية والتعليم عميق وخطير ويحتاج إلى إصلاح جذري وإعادة النظر بشكل شمولي من بنايات ومناهج وتأطير وأساليب.. بناء على رؤية واضحة تأخذ بعين الاعتبار التربية والتعليم كحق للجميع وضمان لتكافؤ الفرص، من جهة، وكأجدى وسيلة لسد منابع الأمية من جهة ثانية، وباعتبار المدرسة العمومية إطارا لتهذيب السلوك وتغذية الأجيال بالقيم إلى جانب المعرفة من جهة ثالثة، وباعتبار التربية والتعليم أهم أداة لإخراج البلاد من نفق التخلف وفتح آفاق التنمية والتقدم من جهة رابعة.
ومن الغريب والمؤسف أيضا أن الوزارة المكلفة بالتربية والتعليم بدأت ما تعتبره “إصلاحا” بالتخلي عن اللغة العربية التي هي اللغة الرسمية للبلاد في تلقين المواد العلمية وتعيضها بلغة المستعمر القديم التي أصبحت تنكمش في عقر دارها لأنها ليست لغة للبحث العلمي وليست لغة التواصل على المستوى الدولي، وسبق لي أن تعرضت في مقالات سابقة لخطورة وعواقب المنحى الخاطئ بل المنحرف للمسؤولين عن قطاع التربية والتعليم في هذا المجال، كما صدرت عدة بيانات ومواقف لهيئات وفعاليات وطنية من اتجاهات سياسية ومشارب فكرية متباينة توضح أسباب رفض وإدانة الفَرْنَسة.
واستمرار تجاهل الأسباب الحقيقية لتردي الوضع التعليمي في بلادنا واعتماد الأساليب الترقيعية الظرفية مع تهميش أدوات بناء مقومات الشخصية المغربية الموحدة والمستقلة ليس هو طريق الإصلاح الحقيقي المنشود والذي من المفروض أن يتوخى  تكوين أجيال متمسكة بمقومات وجودها ومؤمنة بقدراتها الذاتية ومؤهلة للمساهمة بفعالية في الدفع بعجلة التطور والنماء وفق متطلبات العصر الحاضر واستشراف آفاق المستقبل وبناء دولة حديثة متحررة من الأمية والجهل وبعيدة عن أي تبعية وتتطور مع تعزيز استقلالها الوطني وتنفتح على العالم بتنوعه واتساعه.

اترك تعليقاً