الرئيسية / أخر المستجدات / كتاب مفتوح إلى القمة العربية بتونس

كتاب مفتوح إلى القمة العربية بتونس

وجه الأمين العام للمؤتمر القومي العربي رسالة مفتوحة إلى مؤتمر القمة العربية بتونس للتنبيه إلى الوضع الذي آلت إليه الأمة العربية بسبب المواقف المتخاذلة أو الضالعة مع القوى المعادية لمصالح الشعوب العربية وللقضية لبفلسطينية، كما تنبه إلى خطورة ما يقوم به (دونالد ترامب) وموقفه الأرعن بالنسبة لهضبة الجولان السورية المحتلة، وما سبق ذلك بالنسبة للقدس المحتلة، ومؤامرة صفقة القرن  والعدوان المتواصل على غزة والضغوط التي تمارس على المقاومة الفلسطينية، وأكدت الرسالة على أولوية ومركزية القضية الفلسطينية، واعتبار مقاومة الاحتلال ومشاريعه وسياساته حقاً مشروعاً لأبناء الأمّة، وطالبت الرسالة بإلغاء قرار تعليق عضوية الجمهورية العربية السورية، وهي عضو مؤسس في جامعة الدول العربية، والإيقاف الفوري للحرب على اليمن وحل الخلافات بالحوارات الجادة، مع التأكيد على مبدأ الأخوّة العربية التي تعلو على كل الصراعات العابرة بين الحكومات والأنظمة، وفيما يلي نص الرسالة المفتوحة:

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

تحية عربية صادقة…

ينعقد اجتماعكم على مستوى القمّة في ربوع القطر العربي العزيز على كل عربي، تونس، فيما تواجه الأمّة العربية تحديات مصيرية على المستويات كافة في ظل غياب معيب ومريب للنظام العربي الرسمي عن القيام بالحد الأدنى من التزامه لمواجهة هذه التحديات…

ولا أخفيكم أن الهوّة تتسع بينكم وبين أبناء الأمّة إلى درجة أن الكثير منهم يرفضون مخاطبتكم بالأصل لشعوره بانعدام قدرتكم، ناهيك عن رغبتكم في التجاوب مع الحد الأدنى مما يتطلبه النهوض بالأمّة من كبوتها، وتوفير الحد الأدنى من مقومات الكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية والاستقلال القومي والتضامن العربي…

ومع ذلك فإننا في المؤتمر القومي العربي الذي يضم المئات من الشخصيات الفاعلة في مجتمعاتها على المستويات السياسية والثقافية والنقابية والإعلامية والاجتماعية، والذي تأسس في تونس عام 1990، نرى من واجبنا التذكير الدائم بالتحديات التي تواجهها الأمّة، وبما نقترحه من سبل لمواجهتها، انطلاقاً من إدراكنا بضرورة تحمل مسؤولياتكم تجاه أبناء الأمّة وقضاياها…

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو…

ينعقد مؤتمركم في ظلّ تطورات خطيرة على المستويات العربية والإقليمية والدولية، لعل أخطرها ما حصل منذ أيام من خلال توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قرار يتضمن الاعتراف بالسيادة الصهيونية على الجولان العربي السوري، وهو قرار يأتي بعد قرار مماثل حول القدس، وقانون يهودية الدولة، وإجراءات تحاول شطب حق العودة للأخوة الفلسطينيين وهرولة بعض الأنظمة العربية إلى التطبيع مع العدو، بما يشكل خطوات متلاحقة في إطار ما يسمى “بصفقة القرن” التي تأتي لتتوج قروناً من الصفقات والحروب والمؤامرات التي لا تستهدف فلسطين فقط، بل تستهدف الأمّة العربية كلها من المحيط إلى الخليج… ولعل العدوان الصهيوني المتواصل على غزّة هو أوضح تجليات هذا المخطط.

وإذا كنا نقدر موقف حكوماتكم الرافض لهذا القرار الرئاسي الأمريكي الأرعن، جنباً إلى جنب مع أغلبية دول العالم، بما فيها حكومات حليفة لواشنطن، فإننا لا نفهم إطلاقاً كيف يتم رفض هذا القرار وإسقاطه في ظلّ تغييب الجمهورية العربية السورية عن اجتماعاتكم، بل وفي ظلّ تورط بعض الأنظمة في حرب كونية ضد سورية التي كانت وما تزال قلب العروبة النابض وحصن كل قضايا الأمّة الكبرى، لاسيّما قضية فلسطين.

إن أبسط ترجمة لرفضكم لهذا القرار المشؤوم يكمن في إطلاق اسم الجولان على دورة اجتماعاتكم هذه كما جرى في قمّة الظهران قبل أشهر، كما في إسقاط قرار مشؤوم آخر اتخذه وزراء خارجيتكم في خريف عام 2011، بتعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية وكل المنظمات المرتبطة بها، وهو قرار مخالف في الشكل والمضمون لميثاق جامعة الدول العربية ولأبسط أصول العمل العربي المشترك، التي لم تجر مراعاتها خلال السنوات الأخيرة، لاسيّما حين نجحت بعض الأنظمة إلى تحويلها إلى منصة للإستقواء بالقوى الاستعمارية ضد بعض أقطار الأمّة، لاسيّما في ليبيا وسوريا واليمن، بل إلى منصة لوصم نقطة القوة الرئيسية التي تمتلكها الأمّة، وهي المقاومة في فلسطين ولبنان بالإرهاب، في مكافأة مجانية للاحتلال الصهيوني وحلفائه وامتداداته المعادية لمصالح الأمّة ومصالحها في آن.

لقد آن الأوان لمراجعة جذرية تقومون بها كملوك ورؤساء وأمراء لجملة سياسات اعتمدتموها منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وتكريس مفاعيله، إلى العدوان الصهيوني على لبنان عام 2006 واستخدامه للضغط على المقاومة، إلى استدعاء الناتو لقصف ليبيا عام 2011 بهدف تقسيمها وتدميرها، إلى محاولة استدعاء التدخل الأجنبي إلى سوريا بعد تورط مخز لبعض أنظمتكم في الحرب عليها، إلى تغطية عدوان مستمر على اليمن منذ أربع سنوات، إلى صمت قبور عما يجري من اعتداءات صهيونية مستمرة على شعب فلسطين من القدس إلى غزّة إلى الضفة.

في هذه المراجعة لا بدّ من قرارات واضحة وحازمة وهي:

  1. التأكيد على اولوية القضية الفلسطينية، كقضية مركزية للأمة العربية، ووقف كل الخطوات التطبيعية، العلنية والسرية، الجارية بين العدو الصهيوني وبعض الأنظمة العربية، والتصدي لمحاولات الإجهاز على القضية الفلسطينية في إطار ما يسمى “بصفقة القرن”، ورفض اي محاولة لتغيير وجهة الصراع الحقيقي في المنطقة بين الأمة والعدو الصهيوني.
  1. توفير الدعم الكامل لصمود شعبنا العربي الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة لاسيّما في القدس، والسعي لرفع الحصار الجائر عن قطاع غزة، الذي يواجه اهله ظروفا إنسانية بالغة الصعوبة.
  2. إلغاء قرار تعليق عضوية الجمهورية العربية السورية، وهي عضو مؤسس في جامعة الدول العربية، وان ذلك القرار مخالف شكلاً ومضموناً لميثاق الجامعة وانظمتها الداخلية، وإلغاء كافة العقوبات المتخذة بحق شعبها، لاسيّما القرارات والعقوبات قد ساهموا في إطالة الحرب الكونية على سورية.

4- اعتبار مقاومة الاحتلال ومشاريعه وسياساته حقاً مشروعاً لأبناء الأمّة، ورفض أي محاولة لوصم تنظيمات المقاومة في فلسطين أو لبنان أو غيرهما بالإرهاب، بل السعي لاحتضان المقاومة وتوفير كل مقومات الاسناد والدعم لها.

  1. العمل على الوقف الفوري للحرب العدوانية على الشعب اليمني، ورعاية الحوارات الضرورية بين الاطراف اليمنية للوصول الى حل ينهي معاناة اليمنيين والأوضاع الشاذة التي يعيشونها.
  2. السعي لرعاية حوارات جدية بين كل المعنيين بالصراعات والازمات التي تعيشها بعض الأقطار العربية، والتي أدرك ابناؤها ان لا طريق لإخراجها من المحن المفروضة عليها، سوى طريق الحوار الشفاف بين مكوناتها، ودون أي تدخل خارجي، بما يعزز استقلال هذه الأقطار ووحدتها، ويصون عروبتها.
  3. التنبه إلى ما يحاك من فتن ومخططات لتفجير المجتمعات في العديد من أقطار الأمّة، لاسيّما في دول المغرب العربي، والسعي لإحباطها عبر التأكيد على المضمون الحضاري للانتماء العربي من جهة، وعبر السعي لقيام مجتمعات توفر الكفاية والعدل لأبنائها، وتكريس مشاركة المواطنين في تقرير مصيرهم وشؤونهم عبر بناء أنظمة تصون الديمقراطية وتحترم الحريات وحقوق الإنسان.
  1. العمل على تفعيل كل القرارات والمعاهدات والاتفاقيات المتصلة بالعمل العربي المشترك، لاسيّما في ميادين الاقتصاد والامن القومي والمنصوص عليها في معاهدة الدفاع العربي المشترك، والتعاون الاقتصادي التي جرى إقرارها عام 1950.
  1. التأكيد على مبدأ الأخوّة العربية التي تعلو على كل الصراعات العابرة بين الحكومات والأنظمة، ورفض كل إجراء يؤدي الى معاقبة الشعوب بذريعة الصراع بين الحكومات والأنظمة.

نحن إذ نضع هذه التوصيات أمامكم، آملين أن تأخذ حيزاً في نقاشاتكم وقراراتكم، لاسيّما أنها خلاصة ما يدور في ضمير الشعب العربي في كل اقطاره، والذي يأمل إلى أن يرى جامعة الدول العربية مُعبّراً أميناً عن تطلعات جماهير الأمة ومصالحها وحقوقها، كما يعيد ثقة الجماهير العربية بها وبدورها، وان لا تكون راضخة لإملاءات دول بعينها على حساب مصالح الأمة واستقلال أقطارها، ووحدة مجتمعاتها.

 

الأمين العام للمؤتمر القومي العربي

مجدي المعصراوي

اترك تعليقاً