الرئيسية / أخر المستجدات / لعناوين الكتب حكايات
حسن مدن

لعناوين الكتب حكايات

حسن مدن/

حسنٌ ما يفعله بعض النقّاد، وكذلك القراء النابهون حين يتوقفون مليّاً أمام عنوان أي كتاب يريدون تقديمه أو كتابة مطالعة حول محتواه. يُوصف العنوان بأنه عتبة الكتاب التي علينا الوقوف عليها قبل ولوج عالم ذلك الكتاب. بعض النقاد يغالون أحياناً في تقديم آراء حول أغلفة الكتب أيضاً لا حول عناوينها، حين يناقشون إلى أي مدى تنسجم لوحة الغلاف أو رسمه مع مضمون الكتاب، ولا اعتراض على ذلك من حيث المبدأ، لكن يتعين ملاحظة أن الكثير من أغلفة الكتب، إن لم تكن أغلبيتها، هي من اختيار دار النشر، وبالتالي لا يتعين وضع الكاتب، في حالٍ مثل هذه، في وضع المساءلة إن لوحظ أن لوحة غلاف كتابه تقدّم تأويلاً مشوشاً، أو حتى نقيضاً، لمحتوى الكتاب. وهنا أيضاً يمكن أن يطرح سؤال عن مسؤولية كاتب مثل شكسبير مات قبل قرون عن أغلفة طبعات مسرحياته بلغات العالم المختلفة.

نعود إلى عتبة الكتاب، أي عنوانه. صحيح أن بعض الناشرين ربما يتدخلون أحياناً في اختيار عناوين ما يصدر عن دورهم من كتب، غير تلك التي اقترحها الكاتب، لأن لدى الناشر حسّاً تسويقياً تكوّن لديه من خبرته في دنيا النشر، تجعله يقدّر أي العناوين أكثر جذباً للقارئ حين يوضع الكتاب في أجنحة معارض الكتب، أو في فاترينات العرض في المكتبات، ولكن، في الغالب الأعم، لا يمكن تغيير عنوان أي كتاب دون موافقة كاتبه، وبالتالي ليس بوسعه الرد إن انتقد أحدهم عنوان كتابه بالقول إن الناشر هو من فرضه عليه.

اختيار عنوان أي كتاب من قبل كاتبه تجربة تستحق أن تُحكى. أحياناً يأتي العنوان على شكل ومضة تخطر في ذهن الكاتب وهو في أحد أطوار كتابته. وما أكثر الحالات التي يغيّر فيها الكاتب العنوان أكثر من مرة قبل أن يدفعه للنشر. يحدث أحياناً أن يضع الكاتب عنواناً يرد على ذهنه حتى قبل أن يشرع في كتابة كتابه، محكوماً بالفكرة الاولية التي جالت في ذهنه حول ما يريد أن يكون عليه محتوى ذلك الكتاب، الذي لا يزال في طور المشروع، لكنه بعد أن يقطع شوطاً في الكتابة، أطال هذا الشوط أم قصر، يتراءى له أن عنوانه الأولي لن يقدّم الدلالة الكافية عن محتوى الكتاب المنتظر، وأحد الأسباب هو أن الخطة الذهنية المرسومة في ذهن الكاتب قد تتغير وتتحور مع سير العمل على الكتاب.

يبقى، في تقديرنا المتواضع، أن أكثر العناوين توفيقاً هي تلك التي تثير فضول القارئ، وتحفز في ذهنه الأسئلة قبل أن يشرع في قراءة أي كتاب.

 

[email protected]