الرئيسية / أخر المستجدات / 4000 كلمة عربية في الإسبانية
حسن مدن

4000 كلمة عربية في الإسبانية

د حسن مدن/

ندوة فكرية مهمة نظمتها مجلة «الناشر الأسبوعي»، الصادرة عن هيئة الشارقة للكتاب مع انطلاق دورة معرض الكتاب الأخيرة، وجمعت المجلة الأوراق التي قُدّمت فيها في كتاب حمل عنوان الندوة نفسها: «بصمة الأندلس»، وهي أوراق علمية رصينة لباحثين إسبان وعرب مختصين في التاريخ الأندلسي وأثر الثقافة العربية في شبه جزيرة إيبيريا. وتتيح هذه الأوراق للقارئ والباحث معاً، التعرف على أوجه عدّة لما حملته الثقافة العربية – الإسلامية للأندلس، وما تركته من آثار مهمة هناك في اللغة والفكر والفلسفة، بقيت بعد انتهاء الحكم العربي وما زالت قائمة حتى اليوم، بل إن الأبحاث التي قدّمت في تلك الندوة وحواها الكتاب تظهر الوجه الآخر في الأمر، وهو تأثير بيئة الأندلس نفسها في تطوير الثقافة العربية وإكسابها محتويات جديدة، فالثقافة، كما نعلم جميعاً، هي في كل الأزمان عبارة عن تأثر وتأثير متبادلين، والأمر نفسه يصحّ على الحضارة بمجملها.

الباحث الإسباني خوسيه ميغيل بويرتا في ورقته عن «علم الجمال في غرناطة النصريّة»، تناول جانبي الأمر في التأثر والتأثير، وهو يشير إلى تجارب أسماء عربية مهمة عاشت في الأندلس أو مرّت بها، وعلى سبيل المثال، يرد اسم عالم الاجتماع ابن خلدون، المولود في تونس والمتوفى في القاهرة، لكنه أقام لفترة في قصور الحمراء في خدمة السلطان محمد الخامس، وحيث أن هذا المبحث مخصص لعلم الجمال، فإن كاتبه يشير إلى مساهمة ابن خلدون المهمة في تحليله للصنائع، بعيداً عما يصفه الباحث بالأفكار الماورائية، معتبراً هذه الصنائع عنصراً من عناصر المجتمع الرئيسية تابعاً لظروف تطوّر الحضارات.

يتناول الباحث أيضاً مساهمة الفيلسوف الأندلسي الأهم، ابن رشد، الذي سعى لاستحضار الثقافة الأرسطية والمنهج العقلي، غير مكتفٍ بعرض أو قراءة نصوص أرسطو إنما قام بالتعليق عليها ومناقشتها، وفي كتابه «تهافت التهافت» الذي خصّه للرد على كتاب «تهافت الفلاسفة» للغزالي قام بعمل مهم للدفاع عن الفلسفة، فالعودة إلى المنهج العلمي أساس تفكير ابن رشد لتيسير هامش أكبر للدفاع عن الفكر العقلاني الحر.

تحضر في مباحث الكتاب دراسة وتقصي تأثير اللغة العربية لا في الأندلس وحدها، وإنما في كل إسبانيا وحتى أوروبا، فالباحثة الإسبانية نويمي فيزو تقف عند إشارة علماء اللغة الإسبانية الحديثة إلى وجود أربعة آلاف كلمة من أصل عربي في هذه اللغة، وهو ما يوازي ثمانية في المئة من مفردات اللغة بأكملها.

هذا العدد وتلك النسبة ليسا بالأمر القليل، فاللغة العربية، حسب الباحثة، ما زالت حاضرة في الإسبانية في مواد متعددة كالطب وعلم الفلك والفلسفة والجغرافيا والإبداع الفني.

 

[email protected]