الرئيسية / أخر المستجدات / ماذا بعد بلطجة (ترامب)؟

ماذا بعد بلطجة (ترامب)؟

 إصرار (ترامب) على رفض هزيمته في الانتخابات الرئاسية الأمريكية اتخذ شكلا غير مسبوق مدعيا التزوير وسرقة الانتخابات منه، وخسر أكثر من 60 طعنا أمام المحاكم، وقام بضغوط على مسؤولي عدد من الولايات لقلب النتائج دون جدوى، وتسربت مكالمة صوتية يطلب فيها من سكرتير ولاية جورجيا بين استجداء وضغط وتهديد إيجاد أصوات تكفي لفوزه، وبعد استنفاذه لكل المحاولات القانونية وغير القانونية دعا إلى تجمهر لمناصريه وخطب فيهم محرضا على أعمال الشغب مما دفعهم لمهاجمة مقر الكونغرس حيث تمكنوا من نسف الجلسة المشتركة لمجلس النواب والشيوخ المخصصة لإقرار نتائج المجمع الانتخابي في الولايات الخمسين لصالح بايدن. وخلف الهجوم العنيف ضحايا وإصابات. ولم يحقق (ترامب) هدفه بتغيير النتائج المعلنة لصالحه، وفشل فشلا ذريعا في تحقيق حلم بالبقاء على كرسي الرئاسة. 
وكل ما قام به (ترامب) من ادعاء التزوير والتشكيك في النتائج والضغوط والتهديدات واستعمال العنف، إذ يضرب “الديمقراطية” الأمريكية في الصميم فإنه كشف الوجه البلطجي للرئيس المهزوم برفضه لإرادة الناخبين وتحديه للدستور والقوانين وجعل الولايات المتحدة الأمريكية في وضع سياسي داخلي أسوأ مما يحصل في الدول المتخلفة.
إن المواقف والمناورات البهلوانية التي قام بها (ترامب) كانت محل إدانة واسعة في الولايات المتحدة ووصفت رئيسة مجلس النواب على مقر الكونغرس بالعمل الإرهابي الذي يستوجب المتابعة القضائية وارتفعت أصوات متعددة مطالبة بتعديل الدستور لإقالة الرئيس لتجنب ما قد يصدر عنه في أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض، ولم يرض الكثير من مسؤولي الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه (ترامب) والذين عبروا عن شجبهم لأعماله التي خلفت غضبا واسعا في الإعلام الأمريكي بما في ذلك بعض المنابر التي كانت تناصره.
وبعد انتهاء المشاهد السريالية والأعمال البلطجية التي أنجزها الرئيس المهزوم (ترامب) يجدر التساؤل: أي توجه جديد للسياسة الأمريكية خاصة فيما يتعلق بالقرارات العشوائية التي اتخذها باسم الولايات المتحدة كنقل السفارة الأمريكية في الكيان الصهيوني إلى القدس ضدا على القانون الدولي والقرارات الأممية التي تعتبر أن القدس مدينة محتلة، ومنحه الجولان السوري المحتل للكيان الغاصب ضدا على الشرعية الدولية، وغيرها من القرارات التي تمس بالخصوص الحقوق الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
سيكشف الزمن هل يمكن أن يتغير ولو بشكل نسبي ما تتميز به السياسة الأمريكية التي اعتمدت في عهد (ترامب’ بشكل مكشوف ووقح منطق القوة والهيمنة وانتهاك القانون الدولي والدوس على حقوق  ومصالح الشعوب المستصعفة؟ أم أن نفس السياسة الأمريكية ستتواصل بغطاءات وحلل تجعلها أقل بشاعة مما كان عليه الأمر في ولاية الرئيس غير المأسوف على هزيمته؟