جزئيات التشكيلة الحكومية وجوهر القضية

من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع يتبين أن الكثير من الناس، متحزبين وغيرهم، انشغلوا في تعاليقهم وملاحظاتهم على التشكيلة الحكومية المنبثقة عن انتخابات 8 شتنبر بعدد من الجزئيات المتعلقة بالأشخاص وبسقوط وزراء على أحزاب لا علاقة لهم بها وما أحدثته هذه الواقعة لدى البعض من استياء أو استغراب، ورغم أهمية هذه الجوانب فهي ليست سوى مؤشرات ومظاهر للمشكلة الأكبر بكثير من التعيينات والجزئيات المرتبطة بها، وعندما يتيه البعض في سرد والتعليق على هذه الجزئيات يساهم في جعلها مادة للاستهلاك “السياسي” المغلوط والبعيد عن جوهر اللعبة التي تتوخى في أبعادها السياسية والعملية المزيد من التحكم في المجال السياسي ومصادرة استقلالية أي قرار حزبي وإهانة الأحزاب ذات الشرعية التاريخية والمجتمعية، أحيانا بإقصائها، وأحيانا بإشراكها بشكل مهين،أو مثير لاستياء القواعد الحزبية، مع ترويضها على قبول ذلك أو التعايش معه قسرا، مما يزيد في إضعافها وخلخلة مصداقيتها. وكل ذلك يؤدي بالتأكيد إلى جوهر الإشكال الذي يُفترض أن يُطرح ويناقش وهو تعطيل أي خطوة نحو الديمقراطية الحقيقية التي لا تقوم لها قائمة دون أحزاب قوية ومستقلة في قراراتها، وفي غياب عدة شروط دستورية وموضوعية ما زالت غير متوفرة .