الرئيسية / أخر المستجدات / أمنيستي تجرم الفصل العنصري ضد الفلسطينيين

أمنيستي تجرم الفصل العنصري ضد الفلسطينيين

نواف الزرو/

في العاشر من تشرين الثاني من العام 1975 اتخذت الامم المتحدة قرارها الذي يحمل رقم 3379، بحق “اسرائيل”والحركة الصهيونية، والذي اعتبر تاريخيا انذاك، حينما اعلن:”ان الصهيونية هي شكل من اشكال العنصرية والتمييز العنصري”، فكان ذلك القرار بمثابة صحوة انسانية اممية جامعة ضد”اسرائيل”كدولة احتلال وارهاب، وضد الحركة الصهيونية بمواصفاتها وممارساتها العنصرية”، وقد اتخذ القرار الاممي  بتاييد اغلبية 75 دولة و معارضة 35 و امتناع 32 عن التصويت، واشار القرار كذلك بوضوح الى اعلان الامم المتحدة القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري، وادان الصهيونية باعتبارها تهديدا للسلم والامن العالميين.   

     وفي هذه الايام يكون قد انقضى سبعة واربعون عاما على ذلك القرار التاريخي، الذي عادت الامم المتحدة بعد ذلك بنحو ستة عشر عاما، لتتخذ قرارا جديدا في الاتجاه المعاكس تماما، في اعقاب حملة امريكية غربية لاسقاطه والغائه، بعد ان ربطت”اسرائيل”  قبول المشاركة في مؤتمر مدريد بالغاء هذا القرار، و هو ما حدث فعلا في ديسمبر 1991 بموجب القرار 8646، فلحست”قرارها السابق بقرار جديد يلغيه ويقدم اعتذارا ضمنيا لاسرائيل عنه، ليتناغم القرار الجديد تماما مع القاعدة التي كان دافيد بن غوريون قد ارساها بالنسبة للعلاقة مع الامم المتحدة والمجتمع الدولي، حيث قال جهارا نهارا وبمنتهى الاحتقار للمنظمة الاممية:”بلا امم متحدة بلا هوى”، و”ان الامم المتحدة مقفرة فارغة لا قيمة لها”، مثبتا القاعدة الاخرى التي حكمت سلوك”اسرائيل”في علاقاتها مع المنظمة الدولية على مر العقود الماضية وهي:”ليس مهما ما يقوله الاغيار وانما المهم ما يفعله اليهود على الارض”،الامر الذي جسده سفير اسرائيل في الامم المتحدة، حاييم هرتسوغ، أمام ناظر كل العالم، حينما قام بتمزيق الورقة التي طُبع عليها قرار الامم المتحدة القاضي بأن “الصهيونية عنصرية”. 

    وما بين قرار الالغاء، وما يجري اليوم، فان سياسات التطهير العرقي والتمييز العنصري الصهيوني، ليس فقط لم تتوقف ولم ترتدع، بل تمادت وتعمقت وتغولت على نحو اجرامي لم يسبق له مثيل في تاريخ سياسات الابرتهايد في العالم،  وفي السنوات الاخيرة، عادت مسالة التمييز العنصري الصهيوني”الابرتهايد”، وجرائم الحرب والانتهاكات السافرة للقوانين والمواثيق والاعراف الدولية، لتحتل العناوين في اوروبا و”اسرائيل” على حد سواء، وذلك بعد ان شهدت الجامعات الاوروبية والكندية  والامريكية ما يطلق عليه اسم”اسبوع الابرتهايد الاسرائيلي”، حيث تنظّم هيئات ومجموعات مدنية مختلفة في أنحاء العالم فعاليات أسبوع مقاومة الأبرتهايد الإسرائيلي، وذلك لغاية التثقيف حول سياسات وممارسات الاحتلال الاسرائيلي العنصرية الارهابية، وتركز فعاليات الأسبوع على فضح وتصوير وفهم” إسرائيل” كدولة أبرتهايد، والعمل على إنهاء التواطؤ الدولي مع دولة الاحتلال، الذي يضفي الشرعية على نظام الاحتلال والأبرتهايد الإسرائيلي، وتشكّل فعاليات ألاسبوع مرجعًا هامًا لحملة مقاطعة إسرائيل وسحب الإستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، والتي هي أكثر الطرق فعالية لإنهاء التواطؤ الدولي معها وإجبارها على الإلتزام بالحقوق الدولية، كما شكلت فعالياته أساسًا للتضامن مع نضالات الشعوب الأخرى، والحركات الإجتماعية للعدالة في العديد من البلدان. 

    في ضوء كل ذلك، تأتي وثيقة-دراسة المنظمة الاممية” امنستي” لتفتح هذا الملف الهام والخطير على نحو يفترض ان يحرك كافة منظمات وهيئات حقوق الانسان ومناهضة الابرتهايد في العالم،  فقد جاءت هذه الوثيقة (الثلاثاء- : 01/02/2022- ) لتؤكد الموثق والمؤكد منذ عقود وفي نصها:”إنه ينبغي مساءلة السلطات الإسرائيلية على ارتكاب جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين”، ويبين التقرير بالتفصيل “كيف أن إسرائيل تفرض نظام اضطهاد وهيمنة على الشعب الفلسطيني أينما تملك السيطرة على حقوقه، وهذا يشمل الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، فضلا عن اللاجئين النازحين في بلدان أخرى”، ويوثق التقرير الشامل المؤلف من 182 صفحة بعنوان “نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: “نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية”، كيف أن عمليات الاستيلاء الهائلة على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، وأعمال القتل غير المشروعة، والنقل القسري، والقيود الشديدة على حرية التنقل، وحرمان الفلسطينيين من حقوق المواطنة والجنسية تشكل كلها أجزاءً من نظام يرقى إلى مستوى الفصل العنصري بموجب القانون الدولي”. 

  ولذلك نقول مجددا ان أهم وأخطر الجبهات في المشهد الصراعي مع الاحتلال الصهيوني،هي جبهة العنصرية-الابرتهايد- الصهيونية وهي غير مستثمرة فلسطينيا وعربيا وأمميا كما يجب، مع خالص التقدير لكل النضالات والانجازات التي حققتها الحملة الدولية  صد العنصرية وغيرها، فحينما نوثق ان المجتمع الصهيوني برمته عنصري فاشي من اقصاه الى اقصاه، فذلك ليس فيه مبالغة. 

   وفي عذا السياق ايضا كان رئيس اللجنة الدولية لاعادة الاعتبار للقرار 3397 المساوي بين العنصرية والصهيونية د. جورج جبور، بعث برسالة الى الامين العام للامم المتحدة، طالب فيها بـ:”اعادة الاعتبار للقرار “3379 ، مضيفا:”بما انه تم الغاء القرار المذكور بعد ستة عشر عاما أي في عام1991 بقرار من سطر واحد من دون تعليل، وبما أن الممارسات الصهيونية العنصرية ما تزال مستمرة، وتتمثل حاليا ببناء جدار الفصل العنصري الذي ادانته محكمة العدل الدولية ، واعلان يهودية الدولة، والتصريح بتهجير الفلسطينيين المقيمين في ارضهم، وما قامت به اسرائيل من تصفيات خلال حرب غزة الأخيرة، وكان هدف تصفية الشعب الفلسطيني واضحا ، وبناء على كل ما تقدم، فاننا نتقدم اليكم طالبين العمل على تطبيق الميثاق المعاهدات الدولية ومعاهدات حقوق الانسان كافة والقانون الانساني الذي يرفض تماما اشكال العنصرية والتمييز العنصري كافة، وبالتالي اعادة الاعتبار للقرار 3379 واعادة الاعتبار لقرارات الأمم المتحدة لردع أي شكل من أشكال العنصرية”. 

  وفي ضوء كل ذلك، ربما نكون على المستويين الفلسطيني والعربي في هذه الايام بحاجة كبيرة ملحة لاحياء وانعاش مضامين ورسالة مؤتمر ديربان – 1 – اكثر من اي وقت مضى…؟، وكذلك “اعادة الاعتبار لقرار”الصهيونية حركة عنصرية”، وربما نكون بحاجة ملحة جدا ايضا لعولمة “الحملة ضد العنصرية الصهيونية”على اوسع نطاق ممكن، وربما نكون كذلك بحاجة اشد الحاحية هنا ليقظة ومشاركة عربية في هذه الفعاليات الدولية ضد العنصرية الصهيونية، وخاصة على مستوى الكتاب والمثقفين والاعلاميين الفلسطينيين والعرب…؟،