الرئيسية / أخر المستجدات / الجمع بين المال والسلطة

الجمع بين المال والسلطة

في الكلام المتداول داخل المجتمع يقال بأن “المال فتنة الحياة الدنيا” وأصل هذه المقولة وارد في القرآن الكريم، وفي أي مجتمع نجد هناك من يعيش لأجل المال ويقضي حياته في مراكمة الثروات، وهناك من يجعل المال وسيلة للعيش فلا يكون هدفه وهاجسه هو جمع الثروة وإنما كيفية تدبير شؤون حياته بما يتوفر عليه من مال قليل أو كثير.

وانشغال شخص أو عدة أشخاص بشكل كبير بجمع المال ومراكمة الثروة بالوسائل المشروعة وغيرها لا يكون في كثير من الأحيان ملفتا لانتباه الناس انطلاقا من مبدأ حرية الأشخاص في اختياراتهم وتجارتهم وأعمالهم، لكن حينما تجتمع الثروة مع السلطة والإشراف على تدبير الشأن العام يبدأ التساؤل حول الأمانة في حماية المال العام وحول شفافية التعامل مع المقاولات التي تنجز الأشغال الكبرى للدولة وتبدأ الشبهة حول مدى نزاهة آليات منع الإثراء غير المشروع، ويبدأ الشك في استغلال النفوذ في تنمية الثروات الخاصة على حساب الصالح العام…

وفي بلد يعاني أصلا من اختلالات اجتماعية واضحة وفوارق طبقية ومجالية شاسعة وتعاني فيه فئات عريضة من الفقر والبؤس يكون المعول على السلطات الحاكمة في إقرار سياسات عمومية تحمي المستهلك من جشع المحتكرين وتضع الآليات الضرورية لمنع الإثراء غير المشروع وضمان التوزيع العادل للثروات الوطنية وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والعيش الكريم للجميع ..ويتطلب ذلك تجرد أصحاب القرار القائمين على تدبير الشأن العام من هاجس الاغتناء والابتعاد الكلي عن منافسات المقاولات والمؤسسات التجارية والإنصات لنبض المجتمع واستيعاب حاجاته التي تتعارض في الغالب الأعم مع الهواجس والمصالح الخاصة لأصحاب الثروات المتراكمة..

وتزداد الخطورة على الصالح العام وعلى المال العام حينما تغيب أو لا تشتغل آليات المراقبة لأنه في هذه الحالة تصبح السلطة في خدمة الطبقة التي تنتمي إليها في مجالات متعددة كالإعفاءات والتملصات الضريبية والريع والامتيازات تحت غطاءات مختلفة…

واعتبارا لما تقدم يكون الجمع بين السلطة والمال أكبر عائق يحول دون إقرار العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة وتحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة.