الرئيسية / أخر المستجدات / الكتاب وحركة النشر في العالم.. رؤية تحليلية

الكتاب وحركة النشر في العالم.. رؤية تحليلية

د خالد عزب/

إن تقييم حالة النشر في الوطن العربي يتطلب إلقاء نظرة سريعة على صناعة النشر في العالم، من هذا المنطلق فهذا المدخل يذهب إلى تقديم نظرة مركّزة حول واقع النشر في العالم. يذهب عدد من خبراء النشر إلى أن حركة النشر ستشهد في السنوات القادمة نموًا جيدًا، ويعود ذلك لعدة معطيات، منها: الشعبية المتزايدة للكتب الصوتية، واستمرار الإقبال على الكتب المطبوعة، والطلب المتزايد على الكتب في الأسواق الناشئة.

يمكن قياس هذه الفرضيات عبر السوق الأهم للكتاب في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية، فقد شهد الكتاب الصوتي بها نموًا بنسبة تزيد على 20% في عام 2022، في حين مثلت الروايات الفئة الأكثر نموًا في الكتب المطبوعة، فمن بين 788 مليون كتاب مطبوع، 40% منها روايات، تمثل الولايات المتحدة الأميركية ربع حجم السوق الدولي للكتب، كما أن مبيعات الكتب في الولايات المتحدة زادت بنسبة 21 % خلال عامَي 2019 / 2020، لكن المهم أن ندرك أن مبيعات الكتب عبر شبكة الإنترنت تمثل 71 % من حجم المبيعات في الولايات المتحدة.

أحلام مستغانمي تستحق الدراسة

تزايد عدد الكتب المنشورة في العالم في السنوات الأخيرة، حيث نشر 1.5 مليون كتاب في عام 2021. تعد الولايات المتحدة أكبر ناشر في العالم، تليها المملكة المتحدة، والصين، وما زالت الإنجليزية هي الأكثر إقبالًا في حركة النشر، تليها الصينية، ثم الإسبانية، ولا مجال هنا للتحدث عن العربية أو وضعها في مقارنة أو مقاربة.

من الطرائف التي تشير لها الأرقام أنه من بين كل ألف رواية ألفت النساء 629 منها، هذا الرقم يقودنا أيضًا إلى زيادة مطردة في نشر الروايات المؤلفة من قبل أديبات عربيات في السنوات العشر الأخيرة، فقد مثلن في عام 2019 ما يقرب من 10 % من حجم الروايات المنشورة عربيًا، في حين أنهن مثلن 17 % في عام 2022، وهذا يقودنا على الفور إلى أن الأديبة أحلام مستغانمي هي أكثر الأديبات العربيات انتشارًا، لذلك فهي نموذج يستحق الدراسة.

ن كل ما سبق يشير إلى أنّ دراسة سوق النشر العالمي ضرورية؛ لكي يكون هناك وجود عربي على هذه الساحة، مع تحليل كيفية واتجاهات نمو هذا السوق، ففي عام 2016 قُدر عدد الكتب المبيعة بحوالي 2.2 مليار نسخة، 72 % منها بيعت في الولايات المتحدة، والصين، وبريطانيا.

وتشير تقديرات غوغل إلى أنه نشر على الصعيد الدولي حتى الآن 129864880 كتابًا، ومن المتوقع أن تنمو صناعة نشر الكتاب العام / التعليمي بنسبة 1.9% سنويًا بحلول عام 2030، علمًا بأن إيرادات نشر الكتب عالميًا قُدرت بـ 143.65 مليار دولار، بينما كانت مقدرة في عام 2018 بـ 122 مليارًا، ومن المتوقع أن تبلغ 163.89 مليار دولار عام 2030.

ولا تزال الكتب المطبوعة تمثل 77% من حجم المبيعات، بينما من المتوقع أن تنمو الكتب الصوتية بنسبة، قدرها 27 % على مدار الخمس سنوات القادمة.

التعريف بالإسلام والإنجيل

إن هناك متغيرات قادمة في حركة النشر، وبالتالي إيراداته دوليًا، فالهند في عام 2019 تجاوزت بريطانيا لتصبح الناشر رقم 5 على الصعيد الدولي، وهي الآن تجاوزت بريطانيا لتصبح الاقتصاد الـ 5 دوليًا.

اليوم الدول الخمس الكبرى في حركة النشر – الولايات المتحدة، والصين، واليابان، وألمانيا، والهند – حصتها من السوق الدولي من المتوقع أن تصل عام 2027 ما يقرب من 68 % من إيرادات مبيعات الكتب دوليًا، ومن اللافت للنظر أن الهند تصدّر كتب التعريف بالإسلام والكتب الإسلامية باللغة الإنجليزية للعديد من الدول، وهو مجال دور النشر العربية غائبة عنه .

تمثل الكتب الدينية رقمًا مهمًا في حركة النشر على الصعيد الدولي، ففي الولايات المتحدة ينفق سنويًا 705.1 ملايين دولار على الكتب الدينية، ويقدر عدد النسخ المَبيعة منها بأكثر من 179 مليون نسخة، ويباع من الكتاب المقدس (الإنجيل)، أكثر من 20 مليون نسخة على الصعيد الدولي، على أقل تقدير، بإيرادات تقدر بـ 430 مليون دولار.

لكن اللافت للنظر أنه على الصعيد العربي تراجع الكتاب الديني من 60 % من حجم النشر في الوطن العربي عام 2015 إلى 41 % عام 2021، لكن في ذات الوقت ما زال هو الأكثر توزيعًا، حيث تطبع من الكتاب الديني نسخ أكثر مما يطبع في أي فئة أخرى .

يعد قطاع نشر الكتب التعليمية الأكثر نموًا والأكبر حجمًا، حيث يبلغ حجم سوق الكتاب التعليمي عالميًا 3000 مليار دولار سنويًا، والولايات المتحدة هي الكبرى عالميًا، تليها أوروبا، حيث يمثل 31.87 % من إيرادات صناعة النشر في الولايات المتحدة في عام 2022، وفي ذات العام حقق هذا القطاع إيرادات قدرها 8.96 مليارات دولار في الولايات المتحدة.

لكن علينا التنبه إلى أن كتب التعليم الرقمي في زيادة متسارعة، فمن المتوقع أن تنمو بمعدل 17 % سنويًا حتى عام 2027، وتظل الكتب المدرسية المطبوعة هي الشكل السائد في نشر الكتب التعليمية، ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن سوق الكتب الرقمية التعليمية من المتوقع أن يصل إلى 29.5 مليار دولار بحلول عام 2027.

غياب الناشر العربي

إن غياب الناشر العربي عن النشر الأكاديمي بصورة تواكب المتغيرات الدولية في هذا المجال، يمثل علامة استفهام كبيرة، حتى الجامعات العربية التي لديها برامج نشر ما زال دورها محدودًا، ونستطيع أن نقرّ بأن جامعة الكويت، وجامعة قطر، وجامعة حمد بن خليفة في قطر، وجامعة الملك سعود لديها أفضل برامج النشر العربية الأكاديمية، لكن هذا يقودنا لسبر غور النشر الأكاديمي الدولي وعوائده.

يحقق النشر الأكاديمي أعلى عوائد ربح على الصعيد الدولي، لكنه بدأ يواجه مشكلة النشر مفتوح المصدر المجاني، تشير التقديرات إلى أنه يتم نشر أكثر من 5.14 ملايين ورقة أكاديمية كل عام، بما في ذلك أوراق المؤتمرات والدراسات الاستقصائيّة والمراجعات.

وخلال السنوات الخمس الماضية زاد عدد المقالات الأكاديمية المنشورة بنسبة 22.78 %، واحتلت الصين المرتبة الأولى عالميًا في النشر الأكاديمي منذ العام 2022، وهي أوّل دولة تنشر أكثر من مليون بحث في العام، مع الأخذ في الاعتبار أن 36 % من عدد المقالات الأكاديمية تأتي من الصين، والولايات المتحدة، كما أنّ 10 دول فقط تنشر 87 % من جميع الأبحاث الأكاديمية في العالم .

يمثّل الكتاب المستعمل رقمًا متصاعدًا في سوق الكتاب المستعمل عالميًا، بالرغم من أنه لا يحظى باهتمام كبير، لكنه له دور متصاعد أيضًا عربيًا خاصة في: مصر، والعراق، والمغرب، حتى إن مبيعاته على فيسبوك أخذت تنمو بوتيرة متصاعدة عربيًا. يقدر حجم مبيعات الكتب المستعملة عالميًا عام 2022 بـ 24.03 مليار دولار، بنسبة نمو 5.5% عن عام 2021. أكثر من 50% من الكتب المستعملة تباع في الولايات المتحدة، وأوروبا.